وقفات تدبريّة حول الجزء الرابع والعشرين

﷽
🌴وَقفَاتٌ تَدَبُّريَّةٌ [24-30] 🕟
حَوْلَ الجُزءِ الرَّابِع والعِشرين ۩
_________________________
📜 *﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾*
ولم يقل: (بل اعبد الله) لأنه إذا تقدم وجب اختصاص العبادة له دون غيره، وقوله ﷻ: *﴿وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾* قال السعدي -رحمه الله-: فكما أنه تعالى يُشكر على النعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصول الرزق وغير ذلك، كذلك يُشكر ويُثنى عليه بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نعم الدين، هي النعم على الحقيقة، وفي تدبر أنها من الله تعالى والشكر لله عليها، سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين بسبب جهلهم، وإلا فلو عرف العبد حقيقة الحال، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر.
[تيسير الكريم الرحمن 814]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜 *﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾*
وتأمل في سوق الفريقين إلى الدارين زمرًا من فرحة هؤلاء بإخوانهم وسيرهم معهم كل زمرة على حدة، كل مشتركين في عمل متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعتهم مستبشرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير، كذلك يؤنس بعضهم بعضًا ويفرح بعضهم ببعض وأما أصحاب الدار الأخرى يساقون إليها زمرًا يلعن بعضهم بعضًا ويتأذى بعضهم ببعض، وذلك أبلغ في الخزي والفضيحة والهتيكة من أن يساقوا واحدًا واحدًا، فلا تهمل تدبر قوله ﷻ: *﴿زُمَرًا﴾*
[بدائع التفسير 3' 61]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜تأمل كيف قدم حملة العرش في دعائهم الرحمة على العلم: *﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾* وتأمل قوله ﷻ في سورة الكهف: *﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾* وفي سورة الرحمن جاء اسم الرحمن قبل تعليم القرآن *﴿الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾* وماذاك -والله أعلم- من تقديم الرحمة على العلم إلا دليل على أن من أخص صفات المعلم الرحمة، وأن ذلك أدعى لقبول تعليمه، والانتفاع به.
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜عندما يفقد الإنسان التفاؤل، سينطلق في تصرفاته من قاعدة التشاؤم، وهنا يكون قد أساء الظن بربه، وجلب على نفسه من المصائب ما لا تطيق، قف متدبرًا هذه الآية لتدرك ماذا جنى المتشائمون عاجلًا وآجلًا: *﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾*
وجاء في في الحديث القدسي أن النبي ﷺ قال: قال الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي».
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜 *﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾* من تأمل تناقض فرعون علم أنه استخف بقومه أيما استخفاف *﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾* إذ كيف بمن سمّى نفسه ربًا يخاف:
*﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُم﴾* بل ويستشير: *﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾* ويُشار عليه: *﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾* ولم يحترز من تسمية نفسه بشرًا: *﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا﴾* وقد قال قبلها: *﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ﴾* !
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜 *﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾* لا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به، فإنه سبحانه أمر بالحق، وأمر بالصبر، فالفتنة إما من ترك الحق، أو من ترك الصبر.
[ابن تيمية الاستقامة 1' 39]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜 *﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَاب﴾* فالحجاب يمنع رؤية الحق، والأكنة تمنع من فهمه، والوقر يمنع من سماعه.
[ابن القيم حادي الأرواح 69]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜 *﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾* وهكذا كل مافي المخلوقات من قوة وشدة تدل على أن الله أقوى وأشد، ومافيها من علم تدل على أن الله أعلم، ومافيها من علم وحياة يدل على أن الله أولى بالعلم والحياة.
[ابن تيمية مجموع الفتاوى 16' 357]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜من كان مشغولًا بالله وبذكره ومحبته في حال حياته، وجد ذلك أحوج ماهو إليه عند خروج روحه إلى الله *﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾*
[ابن القيم طريق الهجرتين 308]
•┈┈┈• ❀ •••• ❀ •┈┈┈•
📜عن النعمان بن البشير رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: *﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾* وفي الآية دليل على أن ترك العبد دعاء ربه يعد من الاستكبار.
_________________________
{7586}م [المجموعة السادسة]
1437/9/24ھ

جزاك الله خير و بارك الله فيك