الخطوط العريضة بين حصة هلال ومستورة الأحمدي (حسين الراوي )

رغم أني لا أحب كثيراً الكِتابة عن عالم الشِعر الشعبي العامي ، ورغم أني مُصنف كاتب سياسي ساخر ، ورغم أني لي زاوية رسمية في جريدة الراي الكويتية بها كوّنت أرشيفاً يميل للهجومية والنقد الشديد بحبر الكوميديا السوداء والتي بسببها تعرضت لعدة قضايا صحفية ، إلا أني أحيان أجدني من دون لا أشعر أُمسك القلم وأكتب عن شيء ما بخاطري في عالم الشِعر الشعبي .

لا يستفزني من الشُعراء والشاعرات إلا القليل جداً ، أحب تلك الشاعرة وأحب ذلك الشاعر الذي يُجدّل من همه وحزنه وانكساراته ورغباته الخطوط العامة التي يحيكُ بها أبيات قصيدته . إن النُبل كُل النُبل أن يعتري الإنسان لحظة صدق روحانية مع ذاته ، بها يستوحد بذاته عن الكون ، وتستوحد به ذاته عن كل رغبه ومصلحة ، فيفيض حينها بالحقيقة والتجلي والشفافية التي جعلت اشبه بالناسك الذي نذر وجهه للقبلة والسجادة .


أوووه ، عفواً عزيزي القارئ ، لا أريد الاسترسال كثيراً أو بالأحرى لن أكتب كل شيء في ذهني كنت أود أن أكتبه ، لذا سأتجه نحو الشاعرتين حصة ومستورة على الفور.


الآن سنرى هل العمر والخبرة والنصوص الكثيرة والثقافة والمحاولات الشِعرية ذات الأنواع الأُخرى ستنحني إجلالاً وسمعاً وطاعة لـ حصة هلال ومستورة الأحمدي
في هذا الوقت الذي تتبلور فيه تجربتهما الشِعرية وتكون على المحك الحقيقي ؟


حسناً ، سأكتب بخبرتي وتذوقي وحسي ما أجده من معطيات ومعلومات وميزات وأشياء أُخرى عند كل من حصة هلال ومستورة الأحمدي ، وما يلوح في أُفق تجربتهما الحالية في مسابقة شاعر المليون النسخة الرابعة .


أرى أن حصة هلال شاعرة حقيقية في جوهرها ، أسمها فيه بريق الهيبة الإعلامية ، لها تجربة لا ينكرها عالم الشِعر الشعبي برمته ، وهم رغم أنف بعض المُعدين وصفحاتهم ورغم أنف بعض أصحاب المجلات الشعبية واحتكاراتهم وصلت لجمهور الشِعر وهي تتمخطر بثقة وترفل بثياب تقطر شِعراً .
لا شك أن حصة في مشاركتها بالنسخة الرابعة من شاعر المليون أثبتت لكل من هو في عالم الشِعر ( فقط في قرار دخولها لهذه المسابقة ) أنها شاعرة قوية تستند على أرشيف وصيت دفعاها نحو خوص غمار هذه التجربة على الراحة !


هجومية كثيراً بدت حصة هلال في ظهورها بمسابقة شاعر المليون ، حتى وإن بررت للجمهور وسوغت لنصوصها بكلام تحسب أنه سيذر البرود في أذهان تلك العصبة التي تفهم وتعي وتدرك أبعاد أبياتها . لو أننا أخذنا عدسة كبيرة ودققنا في أول قصيدتين قدمتهما حصة في مسابقة شاعر المليون النسخة الرابعة لوجدنا أن فيهما نفس ثوري واحتجاج صارخ ورأي خاص لما ضاقت به أضلاع الشاعرة حصة.


لكن هل تعلم عزيزي القارئ أن القوة كل القوة التي تجدها في كلا القصيدتين اللتان دار الحديث عنهما آنفاً تكمن في ثوريتها وسخطها .. (والأهم) أنهما نسجتا بصدق كبير وألم كان يحوم في صدر الشاعرة كالنسر !


حصة هلال مجتهدة جداً إلى حد التعب ، في أن تكون على قدر جميل من الثقافة ، ولكنها تبقى أقل ثقافة واطلاع أدبي من أختها ومنافستها مستورة الأحمدي ، ولعل القريب من كلا الاسمين المتابع لهما كشاعرتين يجد أن دعواي فيها من الصحة الشيء الكثير .


مستورة الأحمدي كان حضور قصائدها –وسيبقى- في مسابقة شاعر المليون النسخة الرابعة يعتريه الشيء الكبير من الحضور الوجداني بالدرجة الأولى ، لا سيما أن العقلية والحكمة تحب دائماً مستورة أن تتمسك بهما كيّ تتخذهما مسوغاً لعبور قصائدها نحو الجمهور . لقد غرغرة عيناي بالدمع عندما سمعت قصيدة مستورة الثانية التي قدمتها في المسابقة ، لا أعلم عن السبب الحقيقي الأولي لدمع عيناي ، لكني أعلم جيداً أن مستورة كتبت قصيدتها بصدق عظيم واحاسيس وردية يفوح عطر شذاها بندرة كبيرة .


اذهلتني مستورة في تواجدها القوي ، واذهلتني أكثر بأنها شاعرة مو حيّ الله شاعرة والسلام ! .. مستورة تحمل ثقافة جميلة أكثر من الشاعرة حصة هلال ، ورغم ثقافتها المتينة لم تحاول أن تستعرض هذه الثقافة كثيراً لا بنصوصها أو حضورها الاعلامي ، أي أن بساطتها في حرفها وروحها ساهما كثيراً لأن تكون مستورة شاعرة جميلة وعذبة في قصائدها وروحها .


الآن عزيزي القارئ أقول لك أن الشاعرة الجميلة حصة هلال واختها الشاعرة الجميلة مستورة الاحمدي – بإذن الله تعالى – سوف تراهن من الأربعة الأقرب نحو البيرق ، وسوف تراهن من اشد المتنافسين فيما بينهن !


همسة أخيرة :
عندما استعرض كل اسماء الشعراء المتبقين الى الان في مسابقة شاعر المليون النسخة الرابعة لا أجد هناك من هو أقوى شِعريا من مستورة أو حصة .



وسلام .

منقول من

http://www.movn.net/vb/showthread.php?t=3209