عندما بكى محمد البكري من أجل حلمه السعودي

عندما بكى محمد البكري من أجل حلمه السعودي
المواقف التي أثرت في حياتي كثيرة ولكن يبقى هذا الموقف هو الأكثر تأثيراً على الإطلاق
الظهران – فايز البيشي


محمد البكري
بعد نحو 8 أشهر من إعلان حلمه الذي انتشر على موقع اليوتيوب بعنوان (الحلم السعودي) وقف محمد عبدالغني البكري، مهندس الكهرباء في مصفاة ينبع، في الأسبوع الماضي على أرض هامبورغ الألمانية، مبهراً الخبراء الألمان المختصين في مجال البيئة، عندما تحدث عن مشروعه البيئي الذي يهدف للتخلص من الملوثات الغازية باستخدام طريقة مبتكرة لتقنية النانو، المشروع الذي فاجأ الشباب الألمان بالمعلومات وبطريقة التفكير العلمية للشباب السعودي.
ليس هذا كل شيء، بل إن مشاركة البكري لقيت ترحيباً كبيراً، وقد تلقى عرضاً لمتابعة أبحاثه العلمية في جامعة هامبورغ. بينما حظيت مشاركته ومشاركات زملائه بتغطية إعلامية واسعة في وسائل الإعلام الألمانية، منها ما ورد على النسخة العربية في موقع دويتشه فيله حيث أُجريت لقاءات مع مجموعة من الشباب السعودي المشارك (الحلقة الكاملة)
محمد البكري حاصل على درجة الماجستير في تقنية النانو للتطبيقات الكهروميكانيكية، من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وقد انضم للعمل في أرامكو السعودية منذ عام 2008م، ونستضيفه هنا في القافلة الأسبوعية الإلكترونية في هذا الحوار، عن (حلمه السعودي).. كيف راوده؟ وإلى أين يأخذه؟
* انتشر على موقع اليوتيوب مقطع فيديو لك تحت عنوان (الحلم السعودي) تظهر فيه وأنت تقدم عرضاً يوم الثلاثين من مارس 2011م، أمام مجموعة من الخبراء. حدثنا عن قصة هذا المقطع، ومتى علمت به؟
- تم تصوير هذا المقطع خلال المنتدى السنوي الذي يقام على مستوى إدارة منطقة التكرير وتجزئة سوائل الغاز الطبيعي. وخلال هذا العام تمت إقامة المنتدى في مدينة الرياض تحت شعار "منتدى العلوم لتطوير المحترفين الشباب"، وتشرفت حينها بالوقوف أمام نائب الرئيس للتكرير وتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، الأستاذ محمد العمير، ومجموعة من مديري الإدارات المختلفة إلى جانب زملائي الموظفين الشباب، كأحد المتحدثين الرئيسيين في المنتدى. وخلال العرض التقديمي تناولتُ موضوعاً يتعلق بمعالجة مشاكل التلوث البيئي.
العرض التقديمي مدته 30 دقيقة وقد تم تصويره كاملاً ولكن ما ظهر على موقع اليوتيوب هي أربع دقائق فقط تمثل جزءاً من الخاتمة.
* تأثرت كثيراً وأنت تعلن عن أحلامك وطموحاتك في هذا العرض لدرجة أنك لم تستطع أن تخفي دموعك وأجهشت بالبكاء. بماذا كنت تشعر في تلك اللحظة؟
- خاتمة العرض التقديمي ارتبطت باسم المملكة العربية السعودية، هذا الوطن الذي قدم لنا الكثير بدون مقابل. وهو المكان الذي فيه نشأنا بعزة وكرامة متمسكين بديننا الذيي استقينا منه أخلاقنا الطيبة وصفاتنا الحميدة. فعدما شرعتُ بذكر أحلامي وطموحاتي استشعرت مقدار المسؤولية التي تقع على عاتق شباب هذا الوطن للإسهام في نهضة المجتمع الذي نعيش فيه. فالمملكة تعوِّل كثيراً على شباب هذا الجيل الذي يتميز بالوعي الفكري المقترن بروح المغامرة وهو باعتقادي ما نحتاجه لإحداث الفرق بين المجتمعات والشعوب المختلفة.
الأحلام عديدة جداً، بل لاحصر لها، ولكن يبقى الحلم الأسمى هو أن تصبح مملكتنا الغالية مصدراً للثقافة، يقصدها القاصي والداني ليستقي منها العلم والمعرفة وهو حلم خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، الذي صرّح به أكثر من مرة. ونحن أبناء هذا الوطن نشارك والدنا نفس الحلم الذي نسأل المولى جل وعلا أن نراه حقيقة في القريب العاجل.
* ظهر نائب الرئيس للتكرير وتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، الأستاذ محمد العمير، وهو يقبل رأسك. كيف وجدت نفسك في هذا الموقف؟ وهل قال لك شيئاً؟
- المواقف التي أثرت في حياتي كثيرة ولكن يبقى هذا الموقف هو الأكثر تأثيراً على الإطلاق وهو قطعاً نقطة تحول إيجابية في حياتي بشكل عام. علمني الأستاذ محمد العمير درساً وهو أن حب الوطن ليس حكراً على شخص بعينه بل إنه شرف وواجب تجاه كل فرد من أفراده. علمني أنه بالتواضع نعلو وتسمو أخلاقنا. وكانت الكلمة التي قالها لي هي: "بارك الله فيك".
* هل أنت مستاء من ظهور هذا المقطع على اليوتيوب؟ وإذا كنت قد تحدثت مع من قام بتحميله، فماذا قلت له؟
- ظهور مقطع الفيديو في المنتديات وصفحات الشبكة العنكبوتية ترك أثراً إيجابياً لدى معظم المشاهدين. وردود الأفعال كانت إيجابية كذلك وغالباً ما كانت مقترنة بالدعاء لي بالتوفيق. لذلك أنا لستُ مستاءً لأن هذا المقطع، ولله الحمد، قد لامس قلوبَ كثيرٍ من الناس، وأمدَّهم بشيءٍ من العزيمة والإصرار لتحقيق الحلم. وما يسعدني بشكل كبير ويثلج صدري أن أرى مجتمعنا السعودي متفائلاً وعازماً على تغيير محيطنا الذي نعيش فيه للأفضل.
* كيف وجدت ردة فعل زملائك ورؤسائك بعد هذا العرض؟
- الدعم المستمر كان ولا يزال السمة الفارقة التي أحاطني الجميع بها بعد تقديمي لهذا العرض. وهو بدون شك ما نتميز به في أرامكو السعودية دون غيرها من الشركات، حيث الوحدة والترابط والدعم والتشجيع هي من أهم سماتنا.
* منذ ذلك الوقت وحتى الآن.. هل حققت شيئاً؟
- ولله الحمد، على الصعيد الشخصي، قد تم اختياري من قبل وزارة الخارجية من ضمن ٢٠ شاباً سعودياً مثلوا المملكة العربية السعودية، مؤخراً، في منتدى متعلق بالطاقة المتجددة والذي أقيم في جمهورية ألمانيا الاتحادية في الفترة من 13-22 نوفمبر 2011م. وقد أُقيم هذا المنتدى وفق رؤية خادم الحرمين الشريفين للحوار بين اتباع الديانات ونشر الثقافة بين الشعوب المختلفة. وخلال الحفل الختامي تشرفت بالوقوف أمام معالي سفير المملكة في ألمانيا، الدكتور أسامه شبكشي، والوفود المشاركة، حيث ألقيت الكلمة الرسمية باسم المملكة العربية السعودية، وهي موجهة إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.
* برأيك.. كيف يمكن أن نعيش حياة أفضل؟
- أولاً بأن نعمل كوحدة مترابطة تملك رؤية واضحة وهدفاً موحداً عوضاً عن العمل بشكل فردي لتحقيق مصالح شخصية.
ثانياً الإيمان بالقضية، بأن كل فرد من أفراد الأمة وبغض النظر عن مهنته وخلفيته الثقافية هو عنصر مهم وفعال في رفعة المجتمع أو انحطاطه. فلو أن كل فرد أدى عمله بذمة وحرص وإتقان، لكان انعكاس ذلك على المجتمع عظيماً.
ثالثا أن لا نحرم أنفسنا من حق الحلم بمستقبل مشرق، وهنا يأتي جمال الحلم بأنه عديم الأبعاد والقياسات. فكلٌ يحلم بطريقته الخاصة، ولكن في نهاية المطاف جميع الأحلام تصب في مصلحة مجتمع واحد.
* كيف تنظر إلى الحلم وإمكانية تحقيقه؟
- أؤمن تمام الإيمان أن المستحيل كلمة غير موجودة على الإطلاق. وفي المقابل، لا أؤمن بالحظ ولكن أؤمن بأن توفيق الله جل وعلا ثم العمل الدؤوب والإصرار والعزيمة هو ما يحقق المستحيلات. لا أقول بأنه من "الممكن" تحقيق الأحلام ولكن أقول وبكل ثقة وتفاؤل أنه من "السهل" تحقيقها. كل ما نحتاجه هو أن نؤمن بالله عز وجل ثم أن نثق بأنفسنا وما نستطيع أن نقدمه. أيضاً نحتاج العزيمة والإصرار إلى جانب روح التفاؤل والأمل.
* كيف وجدت دعم أسرتك ومحيطك الاجتماعي لأحلامك وطموحاتك؟
- والدي ووالدتي أطال الله في أعمارهما هما قدوتي في الحياة، وهما من أستقي منهم الثقة بعد المولى جل وعلا. دعم أسرتي لي كبير للغاية. أتمنى أن أكون على قدر تطلعاتهم وعند حسن ظنهم.


< >
تكريم محمد البكري من قبل أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة هامبورغ كأفضل متحدث خلال عرضه الذي قدمه حول مشروعه البيئي الذي يهدف للتخلص من الملوثات الغازية باستخدام طريقة مبتكرة لتقنية النانو

< >
مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن خالد، وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية، أثناء انعقاد منتدى الشباب في ألمانيا

< >
مع معالي سفير المملكة في برلين، الدكتور أسامة شبكشي، أثناء حضور معاليه فعاليات منتدى الشباب في ألمانيا

< >
مع الأستاذ محمد العمير

< >
محمد البكري أثناء إلقاء كلمته الموجهة إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة