التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا

بقلم :
قريبا

العودة   منتديات بني سالم ومسروح > العـامه > الإســــــــــلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم Nov-Sat-2010
روح المنتدى
موتي ولامعصية ربي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 879
 تاريخ التسجيل : Nov 2010
 فترة الأقامة : 5126 يوم
 أخر زيارة : Aug-Tue-2011 (08:41 AM)
 المشاركات : 40 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : موتي ولامعصية ربي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تفسير سورة الانبياء ( السوره المؤثره )




{1} اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ

سُورَة الْأَنْبِيَاء [ مَكِّيَّة وَهِيَ مِائَة وَاثْنَتَا عَشْرَة آيَة نَزَلَتْ بَعْد سُورَة إبْرَاهِيم ]
"اقْتَرَبَ" قَرُبَ "لِلنَّاس" أَهْل مَكَّة مُنْكِرِي الْبَعْث "حِسَابُهُم" يَوْم الْقِيَامَة "وَهُمْ فِي غَفْلَة" عَنْهُ "مُعْرِضُونَ" عَنْ التَّأَهُّب لَهُ بِالْإِيمَانِ

{2} مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ

"مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث" شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ لَفْظ قُرْآن "إلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ" يَسْتَهْزِئُونَ

{3} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ

"لَاهِيَة" غَافِلَة "قُلُوبهمْ" عَنْ مَعْنَاهُ "وَأَسَرُّوا النَّجْوَى" الْكَلَام "الَّذِينَ ظَلَمُوا" بَدَل مِنْ وَاو "هَلْ هَذَا" أَيْ مُحَمَّد "إلَّا بَشَر مِثْلكُمْ" فَمَا يَأْتِي بِهِ سِحْر "أَفَتَأْتُونَ السِّحْر" تَتَّبِعُونَهُ "وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" تَعْلَمُونَ أَنَّهُ سِحْر

{4} قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

"قَالَ" لَهُمْ "رَبِّي يَعْلَم الْقَوْل" كَائِنًا "فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَهُوَ السَّمِيع" لِمَا أَسَرُّوهُ "الْعَلِيم" بِهِ

{5} بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ

"بَلْ" لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَض إلَى آخَر فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة "قَالُوا" فِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقُرْآن هُوَ "أَضْغَاث أَحْلَام" أَخْلَاط رَآهَا فِي النَّوْم "بَلْ افْتَرَاهُ" اخْتَلَقَهُ "بَلْ هُوَ شَاعِر" فَمَا أَتَى بِهِ شِعْر "فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ" كَالنَّاقَةِ وَالْعَصَا وَالْيَد

{6} مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ

"مَا آمَنَتْ قَبْلهمْ مِنْ قَرْيَة" أَيْ أَهْلهَا "أَهْلَكْنَاهَا" بِتَكْذِيبِهَا مَا أَتَاهَا مِنْ الْآيَات "أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ" لَا

{7} وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

"وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلك إلَّا رِجَالًا نُوحِي" وَفِي قِرَاءَة بِالْيَاءِ وَفَتْح الْحَاء "إلَيْهِمْ" الْمَلَائِكَة "فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْر" الْعُلَمَاء بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل "إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَهُ وَأَنْتُمْ إلَى تَصْدِيقهمْ أَقْرَب مِنْ تَصْدِيق الْمُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ

{8} وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ

"وَمَا جَعَلْنَاهُمْ" أَيْ الرُّسُل "جَسَدًا" بِمَعْنَى أَجْسَادًا "لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَام" بَلْ يَأْكُلُونَهُ "وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ" فِي الدُّنْيَا

{9} ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ

"ثُمَّ صَدَقْنَاهُمْ الْوَعْد" بِإِنْجَائِهِمْ "فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاء" الْمُصَدِّقِينَ لَهُمْ "وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ" الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ

{10} لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

"لَقَدْ أَنْزَلْنَا إلَيْكُمْ" يَا مَعْشَر قُرَيْش "كِتَابًا فِيهِ ذِكْركُمْ" لِأَنَّهُ بِلُغَتِكُمْ "أَفَلَا تَعْقِلُونَ" فَتُؤْمِنُونَ بِهِ

{11} وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ

"وَكَمْ قَصَمْنَا" أَهْلَكْنَا "مِنْ قَرْيَة" أَيْ أَهْلهَا "كَانَتْ ظَالِمَة" كَافِرَة

{12} فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ

"فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسنَا" شَعَرَ أَهْل الْقَرْيَة بِالْإِهْلَاكِ "إذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ" يَهْرُبُونَ مُسْرِعِينَ

{13} لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ

فَقَالَتْ لَهُمْ الْمَلَائِكَة اسْتِهْزَاء "لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إلَى مَا أُتْرِفْتُمْ" نُعِّمْتُمْ "فِيهِ وَمَسَاكِنكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ" شَيْئًا مِنْ دُنْيَاكُمْ عَلَى الْعَادَة

{14} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

"قَالُوا يَا" لِلتَّنْبِيهِ "وَيْلنَا" هَلَاكنَا "إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ" بِالْكُفْرِ

{15} فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ

"فَمَا زَالَتْ تِلْكَ" الْكَلِمَات "دَعْوَاهُمْ" . يَدْعُونَ بِهَا وَيُرَدِّدُونَهَا "حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا" كَالزَّرْعِ الْمَحْصُود بِالْمَنَاجِلِ بِأَنْ قُتِلُوا بِالسَّيْفِ "خَامِدِينَ" مَيِّتِينَ كَخُمُودِ النَّار إذَا طَفِئَتْ

{16} وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ

"وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا لَاعِبِينَ" عَابِثِينَ بَلْ دَالِّينَ عَلَى قُدْرَتنَا وَنَافِعِينَ عِبَادنَا

{17} لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ

"لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذ لَهْوًا" مَا يُلْهَى بِهِ مِنْ زَوْجَة أَوْ وَلَد "لَاِتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا" مِنْ عِنْدنَا مِنْ الْحُور الْعِين وَالْمَلَائِكَة "إنْ كُنَّا فَاعِلِينَ" ذَلِكَ لَكِنَّا لَمْ نَفْعَلهُ فَلَمْ نُرِدْهُ

{18} بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

"بَلْ نَقْذِف" نَرْمِي "بِالْحَقِّ" الْإِيمَان "عَلَى الْبَاطِل" الْكُفْر "فَيَدْمَغهُ" يُذْهِبهُ "فَإِذَا هُوَ زَاهِق" ذَاهِب وَدَمَغَهُ فِي الْأَصْل : أَصَابَ دِمَاغه بِالضَّرْبِ وَهُوَ مَقْتَل "وَلَكُمْ" يَا كُفَّار مَكَّة "الْوَيْل" الْعَذَاب الشَّدِيد "مِمَّا تَصِفُونَ" اللَّه بِهِ مِنْ الزَّوْجَة أَوْ الْوَلَد

{19} وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ

"وَلَهُ" تَعَالَى "مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُلْكًا "وَمَنْ عِنْده" أَيْ الْمَلَائِكَة مُبْتَدَأ خَبَره "لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَته وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ" لَا يَعْيَوْنَ

{20} يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ

"يُسَبِّحُونَ اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يَفْتُرُونَ" عَنْهُ فَهُوَ مِنْهُمْ كَالنَّفَسِ مِنَّا لَا يَشْغَلنَا عَنْهُ شَاغِل

{21} أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ

"أَمْ" بِمَعْنَى بَلْ لِلِانْتِقَالِ وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ "اتَّخَذُوا آلِهَة" كَائِنَة "مِنْ الْأَرْض" كَحَجَرٍ وَذَهَب وَفِضَّة "هُمْ" أَيْ الْآلِهَة "يَنْشُرُونَ" أَيْ يُحْيُونَ الْمَوْتَى ؟ لَا وَلَا يَكُون إلَهًا إلَّا مَنْ يُحْيِي الْمَوْتَى

{22} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

"لَوْ كَانَ فِيهِمَا" أَيْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض "آلِهَة إلَّا اللَّه" أَيْ غَيْره "لَفَسَدَتَا" أَيْ خَرَجَتَا عَنْ نِظَامهمَا الْمُشَاهَد لِوُجُودِ التَّمَانُع بَيْنهمْ عَلَى وَفْق الْعَادَة عِنْد تَعَدُّد الْحَاكِم مِنْ التَّمَانُع فِي الشَّيْء وَعَدَم الِاتِّفَاق عَلَيْهِ "فَسُبْحَان" تَنْزِيه "اللَّه رَبّ" خَالِق "الْعَرْش" الْكُرْسِيّ "عَمَّا يَصِفُونَ" الْكُفَّار اللَّه بِهِ مِنْ الشَّرِيك لَهُ وَغَيْره
{23} لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ

"لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ" عَنْ أَفْعَالهمْ

{24} أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ

"أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونه آلِهَة" تَعَالَى أَيْ سِوَاهُ فِيهِ اسْتِفْهَام تَوْبِيخ "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانكُمْ" عَلَى ذَلِكَ وَلَا سَبِيل إلَيْهِ "هَذَا ذِكْر مَنْ مَعِيَ" أُمَّتِي وَهُوَ الْقُرْآن "وَذِكْر مَنْ قَبْلِي" مِنْ الْأُمَم وَهُوَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَغَيْرهمَا مِنْ كُتُب اللَّه لَيْسَ فِي وَاحِد مِنْهَا أَنَّ مَعَ اللَّه إلَهًا مِمَّا قَالُوا تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ "بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقّ" تَوْحِيد اللَّه "فَهُمْ مُعْرِضُونَ" عَنْ النَّظَر الْمُوصِل إلَيْهِ


{25} وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول إلَّا نُوحِي" وَفِي قِرَاءَة بِالْيَاءِ وَفَتْح الْحَاء "إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَه إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِي" أَيْ وَحِّدُونِي

{26} وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ

"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا" مِنْ الْمَلَائِكَة "سُبْحَانه بَلْ" هُمْ "عِبَاد مُكْرَمُونَ" عِنْده وَالْعُبُودِيَّة تُنَافِي الْوِلَادَة

{27} لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ

"لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ" لَا يَأْتُونَ بِقَوْلِهِمْ إلَّا بَعْد قَوْله "وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ" أَيْ بَعْده

{28} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ

"يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفهمْ" مَا عَمِلُوا وَمَا هُمْ عَامِلُونَ "وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنْ ارْتَضَى" تَعَالَى أَنْ يَشْفَع لَهُ "وَهُمْ مِنْ خَشْيَته" تَعَالَى "مُشْفِقُونَ" خَائِفُونَ

{29} وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

"وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنِّي إلَه مِنْ دُونه" أَيْ اللَّه أَيْ غَيْره وَهُوَ إبْلِيس دَعَا إلَى عِبَادَة نَفْسه وَأَمَرَ بِطَاعَتِهَا "فَذَلِك نَجْزِيه جَهَنَّم كَذَلِكَ" كَمَا نَجْزِيه "نَجْزِي الظَّالِمِينَ" الْمُشْرِكِينَ

{30} أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ

"أَوَلَمْ" بِوَاوٍ وَتَرْكهَا "يَرَ" يَعْلَم "الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رَتْقًا" سَدًّا بِمَعْنَى مَسْدُودَة "فَفَتَقْنَاهُمَا" جَعَلْنَا السَّمَاء سَبْعًا وَالْأَرْض سَبْعًا أَوْ فَتَقَ السَّمَاء أَنْ كَانَتْ لَا تُمْطِر فَأَمْطَرَتْ وَفَتَقَ الْأَرْض أَنْ كَانَتْ لَا تُنْبِت فَأَنْبَتَتْ "وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء" النَّازِل مِنْ السَّمَاء وَالنَّابِع مِنْ الْأَرْض "كُلّ شَيْء حَيّ" مِنْ نَبَات وَغَيْره أَيْ فَالْمَاء سَبَب لِحَيَاتِهِ "أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" بِتَوْحِيدِي

{31} وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

"وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْض رَوَاسِيَ" جِبَالًا ثَوَابِت "أَنْ" لَا "تَمِيد" تَتَحَرَّك "بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا" الرَّوَاسِيَ "فِجَاجًا" مَسَالِك "سُبُلًا" بَدَل طُرُقًا نَافِذَة وَاسَعَة "لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ" إلَى مَقَاصِدهمْ فِي الْأَسْفَار

{32} وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ

"وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا" لِلْأَرْضِ كَالسَّقْفِ لِلْبَيْتِ "مَحْفُوظًا" . عَنْ الْوُقُوع "وَهُمْ عَنْ آيَاتهَا" مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم "مُعْرِضُونَ" لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّ خَالِقهَا لَا شَرِيك لَهُ

{33} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ" تَنْوِينه عِوَض عَنْ الْمُضَاف إلَيْهِ مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَتَابِعه وَهُوَ النُّجُوم "فِي فَلَك" مُسْتَدِير كَالطَّاحُونَةِ فِي السَّمَاء "يَسْبَحُونَ" يَسِيرُونَ بِسُرْعَةٍ كَالسَّابِحِ فِي الْمَاء وَلِلتَّشْبِيهِ بِهِ أَتَى بِضَمِيرِ جَمْع مَنْ يَعْقِل

{34} وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ

وَنَزَلَ لَمَّا قَالَ الْكُفَّار إنَّ مُحَمَّدًا سَيَمُوتُ : "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلك الْخُلْد" الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا "أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ" فِيهَا؟ لَا فَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ

{35} كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

"كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت" فِي الدُّنْيَا "وَنَبْلُوكُمْ" نَخْتَبِركُمْ "بِالشَّرِّ وَالْخَيْر" كَفَقْرٍ وَغِنًى وَسَقَم وَصِحَّة "فِتْنَة" مَفْعُول لَهُ أَيْ لِنَنْظُر أَتَصْبِرُونَ وَتَشْكُرُونَ أَمْ لَا "وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" فَنُجَازِيكُمْ


{36} وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ

"وَإِذَا رَءَاكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ" مَا "يَتَّخِذُونَك إلَّا هُزُوًا" أَيْ مَهْزُوءًا بِهِ يَقُولُونَ "أَهَذَا الَّذِي يَذْكُر آلِهَتكُمْ" أَيْ يَعِيبهَا "وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَن" لَهُمْ "هُمْ" تَأْكِيد "كَافِرُونَ" بِهِ إذْ قَالُوا مَا نَعْرِفهُ

{37} خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ

وَنَزَلَ فِي اسْتِعْجَالهمْ الْعَذَاب "خُلِقَ الْإِنْسَان مِنْ عَجَل" أَيْ أَنَّهُ لِكَثْرَةِ عَجَله فِي أَحْوَاله كَأَنَّهُ خُلِقَ مِنْهُ "سَأُورِيكُمْ آيَاتِي" مَوَاعِيدِي بِالْعَذَابِ "فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ" فِيهِ فَأَرَاهُمْ الْقَتْل بِبَدْرٍ

{38} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

"وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد" بِالْقِيَامَةِ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِيهِ

{39} لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ

"لَوْ يَعْلَم الَّذِينَ كَفَرُوا حِين لَا يَكُفُّونَ" يَدْفَعُونَ "عَنْ وُجُوههمْ النَّار وَلَا عَنْ ظُهُورهمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" يُمْنَعُونَ مِنْهَا فِي الْقِيَامَة وَجَوَاب لَوْ مَا قَالُوا ذَلِكَ

{40} بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ

"بَلْ تَأْتِيهِمْ" الْقِيَامَة "بَغْتَة فَتَبْهَتهُمْ" تُحَيِّرهُمْ "فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ" يُمْهَلُونَ لِتَوْبَةٍ أَوْ مَعْذِرَةٍ

{41} وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

"وَلَقَدْ اُسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلك" فِيهِ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَحَاقَ" نَزَلَ "بِاَلَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" وَهُوَ الْعَذَاب فَكَذَا يَحِيق بِمَنْ اسْتَهْزَأَ بِك

{42} قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ

"قُلْ" لَهُمْ "مَنْ يَكْلَؤُكُمْ" يَحْفَظكُمْ "بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار مِنْ الرَّحْمَن" مِنْ عَذَابه إنْ نَزَلَ بِكُمْ أَيْ : لَا أَحَد يَفْعَل ذَلِكَ وَالْمُخَاطَبُونَ لَا يَخَافُونَ عَذَاب اللَّه لِإِنْكَارِهِمْ لَهُ "بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْر رَبّهمْ" أَيْ الْقُرْآن "مُعْرِضُونَ" لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ

{43} أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ

"أَمْ" فِيهَا مَعْنَى الْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ "لَهُمْ آلِهَة تَمْنَعهُمْ" مِمَّا يَسُوءهُمْ "مِنْ دُوننَا" أَيْ أَلَهُمْ مَنْ يَمْنَعهُمْ مِنْهُ غَيْرنَا ؟ لَا "لَا يَسْتَطِيعُونَ" أَيْ الْآلِهَة "نَصْر أَنْفُسهمْ" فَلَا يَنْصُرُونَهُمْ "وَلَا هُمْ" أَيْ الْكُفَّار "مِنَّا" مِنْ عَذَابنَا "يُصْحَبُونَ" يُجَارُونَ يُقَال صَحِبَك اللَّه : أَيْ حَفِظَك وَأَجَارَك

{44} بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ

"بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ" بِمَا أَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ "حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمْ الْعُمُر" فَاغْتَرُّوا بِذَلِكَ "أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْض" نَقْصِد أَرْضهمْ "نَنْقُصهَا مِنْ أَطْرَافهَا" بِالْفَتْحِ عَلَى النَّبِيّ "أَفَهُمْ الْغَالِبُونَ" لَا بَلْ النَّبِيّ وَأَصْحَابه


{45} قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ

"قُلْ" لَهُمْ "إنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ" مِنْ اللَّه لَا مِنْ قِبَل نَفْسِي "وَلَا يَسْمَع الصُّمّ الدُّعَاء إذَا" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بَيْنهَا وَبَيْن الْيَاء "مَا يُنْذَرُونَ" هُمْ لِتَرْكِهِمْ الْعَمَل بِمَا سَمِعُوهُ مِنْ الْإِنْذَار كَالصُّمِّ

{46} وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

"وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَة" وَقْعَة خَفِيفَة "مِنْ عَذَاب رَبّك لَيَقُولُنَّ يَا" لِلتَّنْبِيهِ "وَيْلنَا" هَلَاكنَا "إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ" بِالْإِشْرَاكِ وَتَكْذِيب مُحَمَّد

{47} وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ

"وَنَضَع الْمَوَازِين الْقِسْط" ذَوَات الْعَدْل "لِيَوْمِ الْقِيَامَة" أَيْ فِيهِ "فَلَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا" مِنْ نَقْص حَسَنَة أَوْ زِيَادَة سَيِّئَة "وَإِنْ كَانَ" الْعَمَل "مِثْقَال" زِنَة "حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا" بِمَوْزُونِهَا "وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" مُحْصِينَ كُلّ شَيْء

{48} وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ

"وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفُرْقَان" أَيْ التَّوْرَاة الْفَارِقَة بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَالْحَلَال وَالْحَرَام "وَضِيَاء" بِهَا "وَذِكْرًا" عِظَة بِهَا

{49} الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ

"الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهمْ بِالْغَيْبِ" عَنْ النَّاس أَيْ فِي الْخَلَاء عَنْهُمْ "وَهُمْ مِنْ السَّاعَة" أَيْ أَهْوَالهَا "مُشْفِقُونَ" خَائِفُونَ

{50} وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ

"وَهَذَا" أَيْ الْقُرْآن "ذِكْر مُبَارَك أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ" الِاسْتِفْهَام فِيهِ لِلتَّوْبِيخِ

{51} وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ

"وَلَقَدْ آتَيْنَا إبْرَاهِيم رُشْده مِنْ قَبْل" أَيْ هَدَاهُ قَبْل بُلُوغه "وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ" بِأَنَّهُ أَهْل لِذَلِكَ

{52} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ

"إذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمه مَا هَذِهِ التَّمَاثِيل" الْأَصْنَام "الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ" أَيْ عَلَى عِبَادَتهَا مُقِيمُونَ

{53} قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ

"قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ" فَاقْتَدَيْنَا بِهِمْ

{54} قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

"قَالَ" لَهُمْ "لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ" بِعِبَادَتِهَا "فِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن

{55} قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ

"قَالُوا أَجِئْتنَا بِالْحَقِّ" فِي قَوْلك هَذَا "أَمْ أَنْتَ مِنْ اللَّاعِبِينَ" فِيهِ

{56} قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ

"قَالَ بَلْ رَبّكُمْ" الْمُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ "رَبّ" مَالِك "السَّمَاوَات وَالْأَرْض الَّذِي فَطَرَهُنَّ" خَلَقَهُنَّ عَلَى غَيْر مِثَال سَبَقَ "وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ" الَّذِي قُلْته "مِنْ الشَّاهِدِينَ" بِهِ


{58} فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ

"فَجَعَلَهُمْ" بَعْد ذَهَابهمْ إلَى مُجْتَمَعهمْ فِي يَوْم عِيد
لهُمْ "جُذَاذًا" بِضَمِّ الْجِيم وَكَسْرهَا : فُتَاتًا بِفَأْسٍ "إلَّا كَبِيرًا لَهُمْ" عَلَّقَ الْفَأْس فِي عُنُقه "لَعَلَّهُمْ إلَيْهِ" أَيْ إلَى الْكَبِير "يَرْجِعُونَ" فَيَرَوْنَ مَا فَعَلَ بِغَيْرِهِ

{59} قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ

"قَالُوا" بَعْد رُجُوعهمْ وَرُؤْيَتهمْ مَا فَعَلَ "مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ" فِيهِ

{60} قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ

"قَالُوا" أَيْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ "سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرهُمْ" أَيْ يَعِيبهُمْ

{61} قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ

"قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُن النَّاس" أَيْ ظَاهِرًا "لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ" عَلَيْهِ أَنَّهُ الْفَاعِل

{62} قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ

"قَالُوا" لَهُ بَعْد إتْيَانه "أَأَنْتَ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة وَالْأُخْرَى وَتَرْكه

{63} قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ

"قَالَ" سَاكِتًا عَنْ فِعْله "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ" عَنْ فَاعِله "إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ" فِيهِ تَقْدِيم جَوَاب الشَّرْط وَفِيمَا قَبْله تَعْرِيض لَهُمْ بِأَنَّ الصَّنَم الْمَعْلُوم عَجْزه عَنْ الْفِعْل لَا يَكُون إلَهًا

{64} فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ

"فَرَجَعُوا إلَى أَنْفُسهمْ" بِالتَّفَكُّرِ "فَقَالُوا" لِأَنْفُسِهِمْ "إنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ" بِعِبَادَتِكُمْ مَنْ لَا يَنْطِق

{65} ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ

"ثُمَّ نُكِسُوا" مِنْ اللَّه "عَلَى رُءُوسهمْ" أَيْ رُدُّوا إلَى كُفْرهمْ وَقَالُوا وَاَللَّه "لَقَدْ عَلِمْت مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ" أَيْ فَكَيْفَ تَأْمُرنَا بِسُؤَالِهِمْ

{66} قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ

"قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ بَدَله "مَا لَا يَنْفَعكُمْ شَيْئًا" مِنْ رِزْق وَغَيْره "وَلَا يَضُرّكُمْ" شَيْئًا إذًا لَمْ تَعْبُدُوهُ

{67} أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

"أُفٍّ" بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحهَا بِمَعْنَى مَصْدَر أَيْ نَتْنًا وَقُبْحًا "لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "أَفَلَا تَعْقِلُونَ" أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَام لَا تَسْتَحِقّ الْعِبَادَة وَلَا تَصْلُح لَهَا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقّهَا اللَّه تَعَالَى

{68} قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ

"قَالُوا حَرِّقُوهُ" أَيْ إبْرَاهِيم "وَانْصُرُوا آلِهَتكُمْ" أَيْ بِتَحْرِيقِهِ "إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ" نُصْرَتهَا فَجَمَعُوا لَهُ الْحَطَب الْكَثِير وَأَضْرَمُوا النَّار فِي جَمِيعه وَأَوْثَقُوا إبْرَاهِيم وَجَعَلُوهُ فِي مَنْجَنِيق وَرَمَوْهُ فِي النَّار

{69} قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ

"قُلْنَا يَا نَار كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إبْرَاهِيم" فَلَمْ تُحْرِقْ مِنْهُ غَيْر وَثَاقه وَذَهَبَتْ حَرَارَتهَا وَبَقِيَتْ إضَاءَتهَا وَبِقَوْلِهِ وَسَلَامًا سَلِمَ مِنْ الْمَوْت بِبَرْدِهَا

{70} وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ

"وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا" وَهُوَ التَّحْرِيق "فَجَعَلْنَاهُمْ الْأَخْسَرِينَ" فِي مُرَادهمْ

{71} وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ

"وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا" ابْن أَخِيهِ هَارَان مِنْ الْعِرَاق "إلَى الْأَرْض الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" بِكَثْرَةِ الْأَنْهَار وَالْأَشْجَار وَهِيَ الشَّام نَزَلَ إبْرَاهِيم بِفِلَسْطِين وَلُوط بِالْمُؤْتَفِكَةِ وَبَيْنهمَا يَوْم

{72} وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ

"وَوَهَبْنَا لَهُ" أَيْ لِإِبْرَاهِيم وَكَانَ سَأَلَ وَلَدًا كَمَا ذُكِرَ فِي الصَّافَّات "إسْحَاق وَيَعْقُوب نَافِلَة" أَيْ زِيَادَة عَلَى الْمَسْئُول أَوْ هُوَ وَلَد الْوَلَد "وَكُلًّا" أَيْ هُوَ وَوَلَدَاهُ "جَعَلْنَا صَالِحِينَ" أَنْبِيَاء

{73} وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ

"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة يَاء يُقْتَدَى بِهِمْ فِي الْخَيْر "يَهْدُونَ" النَّاس" "بِأَمْرِنَا" إلَى دِيننَا "وَأَوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْل الْخَيْرَات وَإِقَامَة الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة" أَيْ أَنْ تُفْعَل وَتُقَام وَتُؤْتَى مِنْهُمْ وَمِنْ أَتْبَاعهمْ وَحُذِفَ هَاء إقَامَة تَخْفِيف

{74} وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ

"وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا" فَصْلًا بَيْن الْخُصُوم "وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَة الَّتِي كَانَتْ تَعْمَل" أَيْ أَهْلهَا الْأَعْمَال "الْخَبَائِث" مِنْ اللِّوَاط وَالرَّمْي بِالْبُنْدُقِ وَاللَّعِب بِالطُّيُورِ وَغَيْر ذَلِكَ "إنَّهُمْ كَانُوا قَوْم سَوْء" مَصْدَر سَاءَهُ نَقِيض سَرَّهُ

{75} وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

"وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتنَا" بِأَنْ أَنْجَيْنَاهُ مِنْ قَوْمه

{76} وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ

"وَ" اُذْكُرْ "نُوحًا" وَمَا بَعْده بَدَل مِنْهُ "إذْ نَادَى" دَعَا عَلَى قَوْمه بِقَوْلِهِ "رَبّ لَا تَذَر" إلَخْ "مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْل إبْرَاهِيم وَلُوط "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ" الَّذِينَ فِي سَفِينَته "مِنْ الْكَرْب الْعَظِيم" أَيْ الْغَرَق وَتَكْذِيب قَوْمه لَهُ

{77} وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ

"وَنَصَرْنَاهُ" مَنَعْنَاهُ "مِنْ الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا" الدَّالَّة عَلَى رِسَالَته أَنْ لَا يَصِلُوا إلَيْهِ بِسُوءٍ

{78} وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ

"وَ" اذْكُر "دَاوُد وَسُلَيْمَان" أَيْ قِصَّتهمَا وَيُبْدَل مِنْهُمَا "إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْث" هُوَ زَرْع أَوْ كَرْم "إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَم الْقَوْم" أَيْ رَعَتْهُ لَيْلًا بِلَا رَاعٍ بِأَنْ انْفَلَتَتْ "وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ" فِيهِ اسْتِعْمَال ضَمِير الْجَمْع لِاثْنَيْنِ قَالَ دَاوُد : لِصَاحِبِ الْحَرْث رِقَاب الْغَنَم وَقَالَ سُلَيْمَان : يَنْتَفِع بِدَرِّهَا وَنَسْلهَا وَصُوفهَا إلَى أَنْ يَعُود الْحَرْث كَمَا كَانَ بِإِصْلَاحِ صَاحِبِهَا فَيَرُدّهَا إلَيْهِ

{79} فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ

"فَفَهَّمْنَاهَا" أَيْ الْحُكُومَة "سُلَيْمَان" وَحُكْمهمَا بِاجْتِهَادٍ وَرَجَعَ دَاوُد إلَى سُلَيْمَان وَقِيلَ بِوَحْيٍ وَالثَّانِي نَاسِخ لِلْأَوَّلِ "وَكُلًّا" مِنْهُمَا "آتَيْنَا" ءَاتَيْنَاهُ "حُكْمًا" نُبُوَّة "وَعِلْمًا" بِأُمُورِ الدِّين "وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُد الْجِبَال يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْر" كَذَلِكَ سُخِّرَا لِلتَّسْبِيحِ مَعَهُ لِأَمْرِهِ بِهِ إذَا وَجَدَ فَتْرَة لِيَنْشَط لَهُ "وَكُنَّا فَاعِلِينَ" تَسْخِير تَسْبِيحهمَا مَعَهُ وَإِنْ كَانَ عَجَبًا عِنْدكُمْ : أَيْ مُجَاوَبَته لِلسَّيِّدِ دَاوُد

{80} وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ

"وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَة لَبُوس" وَهِيَ الدِّرْع لِأَنَّهَا تُلْبَس وَهُوَ أَوَّل مَنْ صَنَعَهَا وَكَانَ قَبْلهَا صَفَائِح "لَكُمْ" فِي جُمْلَة النَّاس "لِتُحْصِنكُمْ" بِالنُّونِ لِلَّهِ وَبِالتَّحْتَانِيَّة لِدَاوُد وبِالْفَوْقَانِيَّةِ لِلَّبُوسِ "مِنْ بَأْسكُمْ" حَرْبكُمْ مَعَ أَعْدَائِكُمْ "فَهَلْ أَنْتُمْ" يَا أَهْل مَكَّة "شَاكِرُونَ" نِعَمِي بِتَصْدِيقِ الرَّسُول : أَيْ اُشْكُرُونِي بِذَلِكَ

{81} وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ

"وَ" "لِسُلَيْمَان الرِّيح عَاصِفَة" وَفِي آيَة أُخْرَى رَخَاء أَيْ شَدِيدَة الْهُبُوب وَخَفِيفَته حَسَب إرَادَته "تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الْأَرْض الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا" وَهِيَ الشَّام "وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْء عَالِمِينَ" مِنْ ذَلِكَ عَلِمَ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّ مَا يُعْطِيهِ سُلَيْمَان يَدْعُوهُ إلَى الْخُضُوع لِرَبِّهِ فَفَعَلَهُ تَعَالَى عَلَى مُقْتَضَى عِلْمه

{82} وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ

"وَ" "مِنْ الشَّيَاطِين مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ" يَدْخُلُونَ فِي الْبَحْر فَيُخْرِجُونَ مِنْهُ الْجَوَاهِر لِسُلَيْمَان "وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُون ذَلِكَ" أَيْ سِوَى الْغَوْص مِنْ الْبِنَاء وَغَيْره "وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ" مِنْ أَنْ يُفْسِدُوا مَا عَمِلُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا فَرَغُوا مِنْ عَمَل قَبْل اللَّيْل أَفْسَدُوهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِهِ

{83} وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

"و" اُذْكُرْ "أَيُّوب" وَيُبْدَل مِنْهُ "إذْ نَادَى رَبّه" لَمَّا اُبْتُلِيَ بِفَقْدِ جَمِيع مَاله وَوَلَده وَتَمْزِيق جَسَده وَهَجْر جَمِيع النَّاس لَهُ إلَّا زَوْجَته سِنِينَ ثَلَاثًا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَة وَضِيق عَيْشه "أَنِّي" بِفَتْحِ الْهَمْزَة بِتَقْدِيرِ الْيَاء "مَسَّنِيَ الضُّرّ" أَيْ الشِّدَّة

{84} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ

"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ" نِدَاءَهُ "فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرّ وَآتَيْنَاهُ أَهْله" أَوْلَاده الذُّكُور وَالْإِنَاث بِأَنْ أُحْيُوا لَهُ وَكُلّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ ثَلَاث أَوْ سَبْع "وَمِثْلهمْ مَعَهُمْ" مِنْ زَوْجَته وَزِيدَ فِي شَبَابهَا وَكَانَ لَهُ أَنْدَر لِلْقَمْحِ وَأَنْدَر لِلشَّعِيرِ فَبَعَثَ اللَّه سَحَابَتَيْنِ أَفْرَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى أَنْدَر الْقَمْح الذَّهَب وَأَفْرَغَتْ الْأُخْرَى عَلَى أَنْدَر الشَّعِير الْوَرِق حَتَّى فَاضَ "رَحْمَة" مَفْعُول لَهُ "مِنْ عِنْدنَا" صِفَة "وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ" لِيَصْبِرُوا فَيُثَابُوا

{85} وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ

"وَإِسْمَاعِيل وَإِدْرِيس وَذَا الْكِفْل كُلّ مِنْ الصَّابِرِينَ" عَلَى طَاعَة اللَّه وَعَنْ مَعَاصِيه

{86} وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ

"وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتنَا" مِنْ النُّبُوَّة "إنَّهُمْ مِنْ الصَّالِحِينَ" لَهَا وَسُمِّيَ ذَا الْكِفْل لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِصِيَامِ جَمِيع نَهَاره وَقِيَام جَمِيع لَيْله وَأَنْ يَقْضِيَ بَيْن النَّاس وَلَا يَغْضَب فَوَفَّى بِذَلِكَ وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا

{87} وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

"وَ" اُذْكُرْ "ذَا النُّون" صَاحِب الْحُوت وَهُوَ يُونُس بْن مَتَّى وَيُبْدَل مِنْهُ "إذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا" لِقَوْمِهِ أَيْ غَضْبَان عَلَيْهِمْ مِمَّا قَاسَى مِنْهُمْ وَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فِي ذَلِكَ "فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِر عَلَيْهِ" أَيْ نَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا قَضَيْنَاهُ مِنْ حَبْسه فِي بَطْن الْحُوت أَوْ نُضَيِّق عَلَيْهِ بِذَلِكَ "فَنَادَى فِي الظُّلُمَات" ظُلْمَة اللَّيْل وَظُلْمَة الْبَحْر وَظُلْمَة بَطْن الْحُوت "أَنْ" أَيْ بِأَنْ "لَا إلَه إلَّا أَنْتَ سُبْحَانك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ" فِي ذَهَابِي مِنْ بَيْن قَوْمِي بِلَا إذْنٍ .

{88} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمّ" بِتِلْكَ الْكَلِمَات "وَكَذَلِكَ" كَمَا نَجَّيْنَاهُ "نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" مِنْ كَرْبهمْ إذَا اسْتَغَاثُوا بِنَا دَاعِينَ

{89} وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

"وَ" اُذْكُرْ "زَكَرِيَّا" وَيُبْدَل مِنْهُ "إذْ نَادَى رَبّه" بِقَوْلِهِ "رَبّ لَا تَذَرنِي فَرْدًا" أَيْ بِلَا وَلَد يَرِثنِي "وَأَنْتَ خَيْر الْوَارِثِينَ" الْبَاقِي بَعْد فَنَاء خَلْقك

{90} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ

"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ" نِدَاءَهُ "وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى" وَلَدًا "وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجه" فَأَتَتْ بِالْوَلَدِ بَعْد عُقْمهَا "إنَّهُمْ" أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَنْبِيَاء "كَانُوا يُسَارِعُونَ" يُبَادِرُونَ "فِي الْخَيْرَات" الطَّاعَات "وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا" فِي رَحْمَتنَا "وَرَهَبًا" مِنْ عَذَابنَا "وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" مُتَوَاضِعِينَ فِي عِبَادَتهمْ


{91} وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ

"وَ" اُذْكُرْ مَرْيَمَ "اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ مِنْ أَنْ يُنَال "فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَجَعَلْنَاهَا وَابْنهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة حَيْثُ وَلَدَتْهُ مِنْ غَيْر فَحْل

{92} إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ

"إنَّ هَذِهِ" أَيْ مِلَّة الْإِسْلَام "أُمَّتكُمْ" دِينكُمْ أَيّهَا الْمُخَاطَبُونَ أَيْ يَجِب أَنْ تَكُونُوا عَلَيْهَا "أُمَّة وَاحِدَة" حَال لَازِمَة "وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ" وَحِّدُونِ

{93} وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ

"وَتَقَطَّعُوا" أَيْ بَعْض الْمُخَاطَبِينَ "أَمْرهمْ بَيْنهمْ" أَيْ تَفَرَّقُوا أَمْر دِينهمْ مُتَخَالِفِينَ فِيهِ وَهُمْ طَوَائِف الْيَهُود وَالنَّصَارَى "كُلّ إلَيْنَا رَاجِعُونَ" أَيْ فَنُجَازِيهِ بِعَمَلِهِ

{94} فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ

"فَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤْمِن فَلَا كُفْرَان" أَيْ لَا جُحُود "لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ" بِأَنْ نَأْمُر الْحَفَظَة بِكَتْبِهِ فَنُجَازِيهِ عَلَيْهِ

{95} وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ

"وَحَرَام عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا" أُرِيدَ أَهْلهَا "أَنَّهُمْ لَا" زَائِدَة "يَرْجِعُونَ" أَيْ مُمْتَنِع رُجُوعهمْ إلَى الدُّنْيَا

{96} حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ

"حَتَّى" غَايَة لِامْتِنَاعِ رُجُوعهمْ "إذَا فُتِحَتْ" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "يَأْجُوج وَمَأْجُوج" بِالْهَمْزِ وَتَرْكه اسْمَانِ أَعْجَمِيَّانِ لِقَبِيلَتَيْنِ وَيُقَدَّر قَبْله مُضَاف أَيْ سَدّهمَا وَذَلِكَ قُرْب الْقِيَامَة "وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب" مُرْتَفَع مِنْ الْأَرْض "يَنْسِلُونَ" يُسْرِعُونَ

{97} وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ

"وَاقْتَرَبَ الْوَعْد الْحَقّ" أَيْ يَوْم الْقِيَامَة "فَإِذَا هِيَ" أَيْ الْقِصَّة "شَاخِصَة أَبْصَار الَّذِينَ كَفَرُوا" فِي ذَلِكَ الْيَوْم لِشِدَّتِهِ يَقُولُونَ "يَا" لِلتَّنْبِيهِ "وَيْلنَا" هَلَاكنَا "قَدْ كُنَّا" فِي الدُّنْيَا "فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا" الْيَوْم "بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ" أَنْفُسنَا بِتَكْذِيبِنَا لِلرُّسُلِ

{98} إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ

"إنَّكُمْ" يَا أَهْل مَكَّة "وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره مِنْ الْأَوْثَان "حَصَب جَهَنَّم" وَقُودهَا "أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ" دَاخِلُونَ فِيهَا

{99} لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ

"لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ" الْأَوْثَان "آلِهَة" كَمَا زَعَمْتُمْ "مَا وَرَدُوهَا" دَخَلُوهَا "وَكُلّ" مِنْ الْعَابِدِينَ وَالْمَعْبُودِينَ

{100} لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ

"لَهُمْ" لِلْعَابِدِينَ "فِيهَا زَفِير وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ" شَيْئًا لِشِدَّةِ غَلَيَانهَا وَنَزَلَ لَمَّا قَالَ ابْن الزِّبَعْرَى عَبْد عُزَيْر وَالْمَسِيح وَالْمَلَائِكَة فَهُمْ فِي النَّار عَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ

{101} إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ

"إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا" الْمَنْزِلَة "الْحُسْنَى" وَمِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ


{102} لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ

"لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسهَا" صَوْتهَا "وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسهمْ" مِنْ النَّعِيم

{103} لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ

"لَا يُحْزِنهُمْ الْفَزَع الْأَكْبَر" وَهُوَ أَنْ يُؤْمَر بِالْعَبْدِ إلَى النَّار "وَتَتَلَقَّاهُمْ" تَسْتَقْبِلهُمْ "الْمَلَائِكَة" عِنْد خُرُوجهمْ مِنْ الْقُبُور يَقُولُونَ لَهُمْ "هَذَا يَوْمكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ" فِي الدُّنْيَا

{104} يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ

"يَوْم" مَنْصُوب بِذُكِرَ مُقَدَّرًا قَبْله "نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلّ" اسْم مَلَك "لِلْكُتُبِ" صَحِيفَة ابْن آدَم عِنْد مَوْته وَاللَّام زَائِدَة أَوْ السِّجِلّ الصَّحِيفَة وَالْكِتَاب بِمَعْنَى الْمَكْتُوب وَاللَّام بِمَعْنَى عَلَى وَفِي قِرَاءَة لِلْكُتُبِ جَمْعًا "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّل خَلْق" مِنْ عَدَم "نُعِيدهُ" بَعْد إعْدَامه فَالْكَاف مُتَعَلِّقَة بِنُعِيد وَضَمِيره عَائِد إلَى أَوَّل وَمَا مَصْدَرِيَّة "وَعْدًا عَلَيْنَا" مَنْصُوب بِوَعَدْنَا مُقَدَّرًا قَبْله وَهُوَ مُؤَكِّد لِمَضْمُونِ مَا قَبْله "إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" مَا وَعَدْنَاهُ

{105} وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

"وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُور" بِمَعْنَى الْكِتَاب أَيْ كُتُب اللَّه الْمُنَزَّلَة "مِنْ بَعْد الذِّكْر" بِمَعْنَى أُمّ الْكِتَاب الَّذِي عِنْد اللَّه "أَنَّ الْأَرْض" أَرْض الْجَنَّة "يَرِثهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" عَام فِي كُلّ صَالِح

{106} إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ

"إنَّ فِي هَذَا" الْقُرْآن "لَبَلَاغًا" كِفَايَة فِي دُخُول الْجَنَّة "لِقَوْمٍ عَابِدِينَ" عَامِلِينَ بِهِ

{107} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

"وَمَا أَرْسَلْنَاك" يَا مُحَمَّد "إلَّا رَحْمَة" أَيْ لِلرَّحْمَةِ "لِلْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ بِك

{108} قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

"قُلْ إنَّمَا يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَا إلَهكُمْ إلَه وَاحِد" أَيْ مَا يُوحَى إلَيَّ فِي أَمْر الْإِلَه إلَّا وَحْدَانِيّته "فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" مُنْقَادُونَ لِمَا يُوحَى إلَيَّ مِنْ وَحْدَانِيَّة الْإِلَه وَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى الْأَمْر

{109} فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ

"فَإِنْ تَوَلَّوْا" عَنْ ذَلِكَ "فَقُلْ آذَنْتُكُمْ" أَعْلَمْتُكُمْ بِالْحَرْبِ "عَلَى سَوَاء" حَال مِنْ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول أَيْ مُسْتَوِينَ فِي عِلْمه لَا أَسْتَبِدّ بِهِ دُونكُمْ لِتَتَأَهَّبُوا "وَإِنْ" مَا "أَدْرِي أَقَرِيب أَمْ بَعِيد مَا تُوعَدُونَ" مِنْ الْعَذَاب أَوْ الْقِيَامَة الْمُشْتَمِلَة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَعْلَمهُ اللَّه

{110} إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ

"إنَّهُ" تَعَالَى "يَعْلَم الْجَهْر مِنْ الْقَوْل" وَالْفِعْل مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْركُمْ "وَيَعْلَم مَا تَكْتُمُونَ" أَنْتُمْ وَغَيْركُمْ مِنْ السِّرّ

{111} وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ

"وَإِنْ" مَا "أَدْرِي لَعَلَّهُ" أَيْ مَا أَعْلَمْتُكُمْ بِهِ وَلَمْ يُعْلَم وَقْته "فِتْنَة" اخْتِبَار "لَكُمْ" لِيُرَى كَيْفَ صُنْعكُمْ "وَمَتَاع" تَمَتُّع "إلَى حِين" أَيْ انْقِضَاء آجَالكُمْ وَهَذَا وَمُقَابِل لِلْأَوَّلِ الْمُتَرَجَّى بِلَعَلَّ وَلَيْسَ الثَّانِي مَحَلًّا لِلتَّرَجِّي

{112} قَالَ رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

"قُلْ" وَفِي قِرَاءَة قَالَ "رَبّ اُحْكُمْ" بَيْنِي وَبَيْن مُكَذِّبِي "بِالْحَقِّ" بِالْعَذَابِ لَهُمْ أَوْ النَّصْر عَلَيْهِمْ فَعُذِّبُوا بِبَدْرٍ وَأُحُد وَحُنَيْن وَالْأَحْزَاب وَالْخَنْدَق وَنُصِرَ عَلَيْهِمْ "وَرَبّنَا الرَّحْمَن الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ" مِنْ كَذِبكُمْ عَلَى اللَّه فِي قَوْلكُمْ "اتَّخَذَ وَلَدًا" وَعَلَيَّ فِي قَوْلكُمْ : سَاحِر وَعَلَى الْقُرْآن فِي قَوْلكُمْ شِعْر

</b></i>




رد مع اقتباس
قديم Nov-Sat-2010   #2
مصمم


الصورة الرمزية مبارك
مبارك غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6
 تاريخ التسجيل :  Apr 2010
 أخر زيارة : May-Sat-2015 (03:46 PM)
 المشاركات : 0 [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



جزاك الله خيرا

والله ليحرمن متك


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سورة الفاتحة فهد محمد بن ناحل الإســــــــــلامي 2 Sep-Tue-2013 02:48 PM


الساعة الآن 09:27 AM.


IPTEGY.COM® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Powered By iptegy.com.

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]