بين حالين ( الدكتور مرزوق بن تنباك)

بين حالين


13 ربيع الثاني 1436 - 03 فبراير
2015

ليس في الحياة ثابت، كل ما فيها متغير؛ الناس أحوالهم ومعاشهم وسياستهم وطرق تفكيرهم، ويمر الناس مهما كان شأنهم، ويمضون ويأتي الساسة ويذهبون، ولو دامت الحياة لكانت مقلقة لا تطاق، ولا يستطيع أحد قبولها ولو إلى حين، لأن التغير للناس والأحوال والأشياء هو الذي يشكل طعم الحياة ويلونها بألوان شتى، ويعطيها طعم الحنظل عند قوم والرونق المقبول واللذة المبتغاة عند آخرين، والشعار المختلف من حال الركود والثبات، إلى حال الحركة، والتغير هو طبيعة الوجود وديدنه.
نقول ذلك في مناسبة لا يمكن تجاوزها في هذه الأيام، ولا سيما نحن في المملكة العربية السعودية قد كانت وستظل وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله وغفر له وأسبغ عليه شآبيب الرحمة، مؤلمة، رثاه العالم وبكاه الناس وتذكروه وذكروا ما قدم لوطنه في سنوات حكمه، فقد كانت له مبادرات ملموسة مست حياة الناس، ونالت اهتمامهم وكانت له مبادرات أصيلة في كل مجالات التنمية والفكر والثقافة.
وفي التعليم، وذلك ما يهم الناس كافة، كانت القفزة الرائعة التي لم تسبق، فمن سبع جامعات على مدى خمسين عاما إلى أكثر من خمسين جامعة حكومية وأهلية وكليات تطبيقية متخصصة، غطت مساحة الوطن الكبير وقدمت التعليم العالي لأبناء الوطن في مناطقهم، دون عناء الانتقال والرحلة التي كان يضطر لها الناس قبل ذلك الانتشار الواسع للتعليم العالي، ومع التعليم العالي وانتشاره جاء برنامج الابتعاث، النقلة النوعية في تاريخ المملكة، الذي لم يحدث مثله من قبل، برنامج الابتعاث وخريجوه سيكون هو المستقبل لنهضة الوطن وستكون الكفاءات التي تأهلت في دول العالم وشاركت في كسب المعرفة العلمية في الجامعات المرموقة هي الركيزة الأقوى في مرحلة البناء للمستقبل. وغير التعليم كانت هناك برامج كبيرة وجهت للداخل للإسكان، وللطرق وللمشاريع العملاقة وأهم من ذلك بناء اللحمة الوطنية والانفتاح على كل الأطياف في الداخل والخارج.
واليوم يستلم الراية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الملك الموفق والحاكم الذي عرفه الشعب السعودي كله بالتجربة الطويلة في إدارة الناس والعمل الجاد والانضباط في كل شيء والدقة في المواعيد واحترام الوقت، منذ كان أميرا للرياض العاصمة المهمة وهو يمثل النجاح في إدارته وفي صلته بالشعب ومعرفته بأحوال الناس مع اهتمام واسع في الثقافة والتاريخ، ورعايته للعلم وأهله، كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يجمع في ذاكرته تجربة ستين عاما مع ستة من الملوك من إخوانه الذين سبقوه في الحكم وكان معهم اليد اليمنى التي تمد لتعمل لصالح الوطن ومستقبل الأمة. وقد عبرت قراراته منذ توليه قبل أيام قلائل عن الرؤية التي يريدها للمستقبل ويعمل عليها وكانت قراراته عامة وواسعة مثل عموم إرادته وشمول نظرته واتساع أفق المستقبل الذي يريده للشعب والنهضة المرتقبة للوطن بكل أطيافه.
لن تكون الأيام المقبلة بإذن الله إلا نموا وازدهارا لهذا الوطن وأهله وأمنا واستقرارا ورخاء ينتظره الناس. والشاهد على تحقيق المطالب هذا التشكيل الوزاري الواسع والتعيينات التي جاءت في وقت قصير لتوضيح الخطوط العريضة لسياسة الملك وتطلعاته الكبيرة والتعبير عن ما يطمح إليه ليكون برنامج الأيام القادمة ومناط عملها، ولم تكن فقط في التعيينات بل حتى فيما تم إلغاؤه من مجالس كثيرة كانت جامدة وغير فاعلة ولا مفيدة وأصبحت مترهلة ومعيقة للحركة وغير مناسبة وكانت عبئا كبيرا ضاعفت ترهل المؤسسات التي تشرف عليها وأطالت أمد البيروقراطية وزادت من التعقيد وكان إلغاؤها ضرورة للتخفيف منها لتنطلق مسيرة الإصلاح بلا معوقات كل ذلك تم في غضون أيام قليلة ولعل الله أن يحقق الإصلاح ويحسن العمل ويزيد التوفيق للوطن وأهله.