التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا

بقلم :
قريبا

العودة   منتديات بني سالم ومسروح > العـامه > العــــــــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم Jan-Thu-2012
عضو مهم جدا
ابومتعب غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1784
 تاريخ التسجيل : Jan 2012
 فترة الأقامة : 4692 يوم
 أخر زيارة : Jun-Sat-2024 (06:32 AM)
 المشاركات : 281 [ + ]
 التقييم : 1000
 معدل التقييم : ابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud ofابومتعب has much to be proud of
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أحذرو هاذهي الوكاله أو الماركه



وكالة (يقولون)


أيها الفضلاء، إن الشائعات قديمة، عرفها الجاهليون قبل الإسلام، وتناقلوها، وعاشها بعض الناس.
وذكر أهل الأدب؛ كـابن قتيبة ، وغيره من علماء الأدب، أن النعمان بن المنذر : الملك الجاهلي الغساني، وشي إليه بـالنابغة الذبياني ؛ الشاعر، فأخبروا هذا الملك أن ذاك الشاعر تعرض لحرمه، وتغزل في زوجته، فغضب الملك، وتهدده بالقتل، وأهدر رأسه في قبائل العرب.
فضاقت الأرض بما رحبت بذاك الشاعر، وأخذ يمضي في الليل، وينام في النهار، ورأى أن الحل السليم أن يغدو إلى الملك، وأن يطرح نفسه بين يديه، ويتوجه بقصيدة رائعة بديعة، يعتذر فيها، وهي من أمهات الشعر العربي، ومن أحسن ما قيل فيه.
فوفد عليه وجلس بين يديه وقال له:

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني وتلك التي منهن قد كنت أنصب


يقول: سمعت أنك تتهددني، لتقطع رأسي، وهذه مصدر خوفي،
ثم قال:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب


لئن بلَّغ الواشون عني وشاية لمبلغك الواشي أغش وأكذب


ولست بمستبق أخاً لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب


فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب


إلى آخر تلك القصيدة.
فعفا عنه.
وفي المجلس الآخر: اعتذر بقصيدة أخرى، يبرئ قلب ذلك الملك عليه تماماً، وهي رائعة، وأوردها صاحب (أضواء البيان ) في أول (تفسيره)، وهي مما يستملح في مجالس الدرس.
يقول:
كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب


فهو يصف معاناته في أثناء لصوق الشائعة به، وما يعيشه من الهم والأسى واللوعة.
تطاول حتى قلت ليس بمنقض وليس الذي يرعى النجوم بآيب


وصدر أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب


حلفت يميناً غير ذي مثنوية ولا علم إلا حسن ظن بصاحب


فرضي عنه أيضاً.
أما القرآن فقد ذكر الله تعالى فيه أشياء حول هذا الموضوع.
قال، سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) وقوله، سبحانه وتعالى، أيضاً: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)).
قال ابن كثير رحمه الله، يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق؛ ليحتاط له، لئلا يحكم بقوله، فيكون في نفس الأمر كاذباً، مخطئاً، فيكون الحاكم بقوله قد فعل ما نهى الله، عز وجل، عنه، وهذا من أتباع سبيل المفسدين.
وكثيراً ما أدت العجلة في إصدار الأحكام إلى الندم بعد وقوع الحكم، وكثيراً ما ندم بعض الأخيار من أحكام أصدروها على بعض الناس، بناء على معلومات خاطئة، وصلتهم، وقد وقع كثير من هذا حتى في صفوف أهل الالتزام: أن بعضهم يحكم على بعض بأخبار ملفقة، لا أساس لها من الصحة.
لقد كثر -أيها الفضلاء- بين الشباب: النقل عن الثقات المزعومين، وهم يبهمون أسماءهم، فيقول أحدهم: حدثني الثقة، عن فلان، عن فلان، ثم يروي لك خبراً، وإذ عرضت هذا السند، على قانون الجرح والتعديل، وجدته إما سنداً منقطعاً، أو معضلاً، أو مرسلاً، أو معلقاً، ووجدت الخبر إسرائيلياً من أحاديث بني إسرائيل! وتجد المبالغات في النقل، فكثيراً ما حدثونا أن فلاناً من المشايخ يحفظ الكتب الستة يعني: (الصحيحين )، و(السنن) الأربع، وبحثنا، وجلسنا مع كثير من الذين ذكر عنهم ذلك، فما وجدناهم يحفظونها.
وبعضهم يزعم لك أن فلاناً يحفظ لك كتاباً بأسره، وأنه يحفظ الألوف المؤلفة من الأحاديث، فإذا جلست معه، وشافهته، لم تجد تلك المعلومات إلا خاطئة.
ومن ذلك: أن كثيراً من الناس، سامحهم الله، ينقلون الخبر، فيبترونه، أو يزيدون فيه، أو ينقصون منه، أو يؤولونه عن مقصد صاحبه، فيأتي الخبر مقلوباً لا أساس له من الصحة، ولا الصدق.
ومنها: أن أحدهما يعادي صاحبه، وزميله؛ لمجرد كلمة بلغته عنه، ولم يتأكد من صحتها، أو من مقصد صاحبها، فيقع فيما نهى الله، عز وجل، وتقع العداوات بين الأقران، بما فيهم: الدعاة الفضلاء، بسبب هذه الشائعات التي تنتشر.
فكان حقاً على المسلمين، وخاصة الدعاة: التحري أمام الشائعات، والتريث في إصدار الأحكام.
(قال صلى الله عليه وسلم، فيما يروى عنه، لرجل: (أترى هذه؟
)- يعني الشمس-.
قال: نعم.
قال: على مثلها فاشهد أو دع)، رواه ابن عدي بسند ضعيف وصححه الحاكم ، فأخطأ، والحديث ضعيف، ولكن معناه صحيح لأصول الإسلام الثابتة في الكتاب والسنة، ولذلك ذكرته بصيغة التمريض، فإن أهل العلم إذا ذكروا أصلاً ممرضاً، قالوا يروى، ويذكر، فيعفون أنفسهم من مغبة مطالبتهم بدليل، أو بسند، أو بحكم على هذا الحديث.
والله، عز وجل، كما سلف معنا، يقول: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)) قالوا: لا تتبع، أو لا تتحدث، أو لا تبحث عما ليس لك به علم.
ثم ذكر الله أن العبد سوف يحاسب على كلماته، وعلى أحكامه، وعلى تصرفاته: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)).
ومن قصيدة جميلة، تنسب لـابن المبارك ، يقول في بعض أبياتها:
وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياء وكرم


قوله للشيء لا إن قلت لا وإذا قلت نعم قال نعم


وانسب القول إذا ما قلته فعظيم منك إيراد التهم


وأنا أقترح على إخواني، الشباب خاصة؛ لأنهم أهل المشاركة، والتأثير، وأهل الكلمة المسموعة: أن يعودوا فيما يطرأ عليهم للعلماء والدعاة، فيصدرون عن رأيهم، وعن مشورتهم، وحبذا لو كان في كل مدينة: دعاة بارزون، يعود إليهم الشباب، وطلبة العلم، فيسألونهم عن الأحكام، أو عما يقولون، أو عن موضوعات الخطب، والمحاضرات، وهو: الأسلم.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بئس مطية الرجل زعموا) وهذا عند البخاري في كتاب الأدب.
والمعنى: أن من جعل وسيلته (زعموا) دل على أنه لا يتثبت، وأنه مظنة أن يكذب، وأن يخطئ في الأحكام.
واسأل كثيراً من الناس عن أحكامهم، تجدهم يبنونها على مزاعم لا حقيقة لها، والحقيقة: أن الزعم في الغالب ينبئ عن الكذب.
والله يقول في القرآن: ((زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا)).
وليس هذا إجماع عند أهل اللغة: أن (زعموا) تشير إلى الكذب، بل نقل سيبويه في (الكتاب)- الذي هو كتاب النحو- كثيراً عن شيخه الخليل وكان يقول (زعم الخليل ) أي: قال، وصدق.
لكن الغالب: أنها تدل على الكذب.
وقد كره الله، عز وجل، للناس قيل وقال، وهي دلالة على كثرة
النقل بلا روية، ولا تؤده، ولا تثبت.
وعند مسلم في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) (1) .
فإذا رأيت الرجل يحدث بكل ما سمع، وكل قصة يسمعها، وكل مقالة تنمى إلى أذنه، فاعلم أنه سوف يكذب لا محالة.
قال الإمام مالك : لا يكون المرء إماماً، إذا حدث بكل ما سمع.
وقال الإمام مالك أيضاً، رحمه الله: ليس كل ما يعلم يقال.
فإنك تعلم معلومات، ولكنك لا تستطيع أن تقولها.
وعند البخاري أيضاً أن أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: [حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين اثنين، أما وعاء فبثثته في الناس، يعني: علماً، وأما وعاء آخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم].
قال بعض الشراح كـابن حجر وغيره: ربما كانت من الأحاديث التي في ذم بعض خلفاء بني أمية.
فلو حدث بها أبو هريرة لذهب رأسه إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم، ولا يسعه الكتمان عن علم يحتاج له الناس، لكن يسعه أن يكتم علماً لا يحتاج له الناس.
فليس كل علم تطالب أن تبثه إلى الناس، أو عليك واجب أن تشرحه للناس، لا، وإنما العلم الضروري الذي تحتاجه الأمة، هو: الذي ورد التهديد في كتمانه لقوله سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) وقوله سبحانه وتعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)).
والإفراط في حسن الظن بالناس، يوصل بصاحبه بقبول خبر كل أحد.
فحسن الظن المفرط بالرواة، وبالنقلة، وبالناس، يؤدي بصاحبه إلى أن يقبل الكذب، والله المستعان.
ولكن، لا يعني الحرص على التثبت، والحيطة في قبول خبر الواحد، أن نرده.
لا، بل أهل السنة يقبلون خبر الواحد الثقة، في العقائد، والعبادات، والأصول، والفروع، خلافاً للمبتدعة؛ كـالمعتزلة ، والخوارج ؛ فإنهم لا يقبلون خبر الواحد في مثل العقائد.
والصحيح: قبوله.
ففي الصحيحين أن ضمام بن ثعلبة أرسله صلى الله عليه وسلم إلى قومه في ثقيف بـالطائف .
وفي الصحيحين كذلك أن رجلاً ذهب إلى أناس يصلون، وقد تحولت القبلة، فأخبرهم أن القبلة تحولت، فتحولوا، وهذا من قبول خبر الواحد.
وللشيخ الألباني رسالة طيبة في هذا الموضوع.
ثم الواجب على المسلم: أن يتجنب التهويل في نقل الأخبار، فلا يزيد من كيسه شيئاً.
فبعضهم يهول الأخبار، ويبالغ، ويزيد، ويدبج، حتى يخرج الخبر عن أصله، والمبالغة في ذلك لها رد فعل؛ فإنها قد تصيب النفوس بالإحباط، فتكون النتيجة عكسية، بعد أن تعرف الشيء على حقيقته.
كأن تبالغ في وصف عالم من العلماء فتقول: ما رأينا أورع منه، ولا أصدق منه، ولا أزهد منه، فهو يقوم الليل كله، ويحفظ الكتب الستة، وكأن القرآن أمام عينيه، وهو علامة الزمان.
فإذا وجدت العالم، وجالسته، وشافهته اختفت تلك الصورة؛ التي في ذهنك عن الصورة التي أمامك، فأصبت بالإحباط، وأنت لو لم يبالغ لك في هذا العالم؛ لكنت سلمت بما رأيت من الخير فيه.
وقال بعض أهل السير: كل أحد يحدث عنه في التراجم، والسير، والتاريخ، فاعلم أنه أقل مما تحدث عنه، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه أعظم مما تقرأ عنه، ومما تسمع عنه.
ومما يروى أنه التقى ابن الشجري و الزمخشري ، وهما نحويان، هذا نحوي الشمال، وهذا نحوي المشرق والجزيرة و العراق ، التقيا في مجلس فقال ابن الشجري للزمخشري : والله، ما مثلها أيها الزمخشري إلا كما قال الأول:
كأن محادثة الركبان تخبرنا عن جعفر بن فلاح أروع الخبر


حتى التقينا فلا والله ما سمعت أذني بأحسن مما قد رأى بصري


يقول أنت أعظم مما سمعنا عنك.
وقد سمعت عالماً من العلماء المشاهير؛ الذين لا زالوا أحياء يقول: أنا من عادتي: أني إذا سمعت الكلمة، أن أتصل بالهاتف مباشرة، على ذلك الشخص؛ الذي نقلت عنه الكلمة، فأتأكد منه مباشرة، حتى أرد على بصيرة أو أنصحه.
وكثير من الأشخاص يعيشون مع بعضهم في حي واحد، فيبلغ أحدهم عن الآخر كلمة، فلا يسأل عنها، وإنما يسارع بالحكم عليه، والرد والتعنيف، دون تثبت.
والأصل في التثبت قوله سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)).
وفي الآية: أن الفاسق هو الكاذب.
وقيل: هو الذي لا يستحي من الله.
وقيل: هو الذي يختلق الأمور.
وقيل: هو المبالغ على سبيل الافتراء.
أما سبب الآية: فقد ذكر المفسرون، كـابن جرير ، وابن كثير ، والقرطبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل الوليد بن عقبة ؛ ليأخذ صدقات بني المصطلق، وكان بين الوليد هذا، وبني المصطلق بعض الأمور.
فسمع بنو المصطلق أن الوليد سوف يقدم، فتهيئوا لاستقباله، لأنه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم على حد المثل الذي يقول: (من أجل عين تكرم ألف عين) فمن أجل كرامة الرسول صلى الله عليه وسلم خرجوا لاستقباله.
فلما رأى الاستقبال أمامه، ظن أنهم يريدون البطش به، للإحن التي بينه وبينهم.
فرجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: وجدتهم، يا رسول الله، لا يصلون، ورفضوا إعطاء الزكاة، وأرادوا قتلي، فنجاني الله!!
فنزل جبريل بقوله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا) ولم يقل يا أيها النبي؛ لأن الشرع سوف يستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولأن هذا القرآن يخاطب به الأفراد، والشعوب، والقرون، قرناً بعد قرن، ولأنه دستور خالد.
قال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)).
فأرسل صلى الله عليه وسلم لجنة استشارية تكتشف الوضع، وتدرس، ماذا تم في هذا اللقاء؟
فوجدوا أنه أخطأ.
وفيه: دليل على أن الفاسق لا يكفر، ولا يخرج من الملة، والفاسق كالكاذب، وشارب الخمر، والزاني، ولكنه يبقى مسلماً، لا نحكم عليه بالكفر.
وأيضاً: نحن مطالبون أن يسأل كل منا نفسه: إذا أراد أن يذكر قصة، أن لا يذكرها إلا بالأدلة والبراهين على صحتها وصدقها.
قال سبحانه وتعالى في هذا المبدأ: ((قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا)) يقول: ائتونا بالعلم والدليل على ما تذكرون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وليعتصم طالب العلم في كل مسألة بدليل.
ويقاس على ذلك مسائل الواقع، والمسائل الدعوية، والاجتماعية، فإنه لا يحل لك أن تذكر مسألة إلا بدليلها.
فالواجب علينا جميعاً: أن نطالب أنفسنا، ونطالب غيرنا بالأدلة، والبراهين على ما نذكر، وعلى ما نقول.
ومن حقوقك أنت أن تسأل من حدثك: ما هو دليلك على هذا؟
وما هو مستندك؟
ولا يجوز له أن يقول: ولماذا تسأل عن الدليل؟
ولماذا تسأل عن المستند؟
قال سبحانه: ((قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)) والبرهان هو: الدليل.
ثم إنه لا بد لكل شائعة أن تعرض على العقل، فإن كانت شرعية، فلا بد من عرضها على الكتاب والسنة، كشائعة قد انتشرت في بعض الصحف قديماً: أن ميتاً خرج من قبره بعد ثلاث ليال، وأكفانه على جنبه، ومشى بين الناس، وصدق العوام بها، ولم يبحثوا عن خبرها، أو عن أصلها، أو من أتى بها من الناس.
وكشائعة أن بعض الناس لما دفنوا شارب الدخان تحول عن القبلة.
مع العلم: أن آكل الربا، والزاني، وشارب الخمر، أعظم إثماً من شارب الدخان، ولم ينقلوا لنا عنهم: أن هؤلاء حولوا عن القبلة، فانظر جرم هذا، وجرم هذا، وخطأ هذا، وخطأ هذا.
وأصل الكتاب والسنة: لا يدل على ذلك، ولا ينفي ذلك صراحة، لكن الأقرب أن نتوقف، وأن ننزل أهل الذنوب منازلهم، وأن نستقرئ الأخبار.
ونحن مطالبون أيضاً: أن نحذر من الظن، فإنه أكذب الحديث قال سبحانه عن الكفار: ((إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)).
وأكثر معلومات الناس اليوم: ظن؛ لأن المصادر التي نتلقاها طول اليوم هي من قبيل الظن، وليست من قبيل اليقين؛ لأنها ليست مرشحة؛ لأن تعطي الأخبار الصحيحة المعقولة.
وقال عز من قائل: ((وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)).
والعلم، هو: تيقن المعلوم، والعمل به، فالمسلم عليه: ألا يتبع الظن، وما تهواه نفسه.
وكثيراً ما تسمع من أحدهم قوله: (أظن كذا، ويمكن أن هذا صار، ويمكن) ويركب احتمالات في أمور عقدية، وأمور قد يأثم بها، وأمور يشيعها في الناس، وهو المسؤول الأول، ولا دليل له، ولا برهان.
ثم أيضاً: على المتحدث أن يسند الحديث إلى أهله.
فمثلاً، يقول: حدثني فلان بن فلان بكذا وكذا؛ لأن الرواية عن المجاهيل مظنة الكذب، وإذا ذكر المتحدث الزمان، والمكان، كان أحسن وأجمل وآكد.
مثلاً تقول: حدثني فلان بن فلان، في مدينة، كذا، يوم الثلاثاء الماضي، ومعنا فلان بن فلان.
أما إذا قلت: (يقولون)، و (قال لي أحد الثقات) حتى أصبح الناس كلهم ثقات! فإذا بحثت وجدته ليس بثقة، فهذا ليس بصحيح. يقول بعض الأئمة: ما رأينا الصالحين أكثر كذباً منهم في الحديث.
فتجد الرجل يقوم الليل، ويصوم في النهار، ويكذب في الحديث! فالمطلوب: إسناد الأحاديث إلى قائليها، وأن تعزوها حتى تعفى من المسؤولية إذا أسندتها.
والمطلوب من المسلمين عموماً؛ ومن الدعاة خصوصاً: ذب بعضهم عن عرض بعض و (من ذب عن عرض أخيه المسلم ذب الله عن وجهه النار يوم القيامة) (1) .
فلا يجوز للمسلم أن يقف متفرجاً، وأعراض إخوانه المسلمين تنتهك، وأشخاصهم تجرح، والساكت في هذا المجلس أحد رجلين: إما جبان خوار، سلب الله الغيرة من قلبه.
أو منافق يعجبه التشفي بأعراض المسلمين.
وكثيراً ما يخبرنا بعض الشباب بكلام وقع في أعراض العلماء، والفضلاء، والصالحين، وقد حضروا هذا الكلام.
ثم الواجب على المسلم: أنه إذا سمع ما قيل من ذم في أخيه المسلم: ألا ينشر هذا القول، ولا يفشيه، فيكون مشاركاً هو بفعله هذا في انتهاك أعراض المسلمين، وفي مناصرة المنافقين.
بل عليه أن يطوي هذه الأخبار، ويجعلها قيد الكتمان، ويعتبر بقوله عليه الصلاة والسلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) (1) .
ثم الواجب على المسلم: أن لا يصدق ما يشاع هذه الأيام؛ من أن أهل الخير والالتزام متطرفون متشددون، حتى يصرفه المجرمون عن دين الله.
بل الواجب: أن ينظر إلى أعمالهم، وهيئاتهم، ويزنها بميزان: قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن وجد خطأ، أو انحرافاً فعليه أن يناصحهم بالدليل.
وإن وجدهم على السنة، فليعلم أن كثيراً مما يسمعه هو من الباطل، والإفك، لصد الناس عن سبيل الله.
وهكذا، إذا أشيع عنهم أنهم يحرمون الحلال، فالواجب: عرض ذلك على الكتاب والسنة، فإن وافقته فليلتزم بشرع الله، فإنه سوف يهتدي كما قال سبحانه: ((وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا))، وإن خالفته فصارحهم بذلك، وانصحهم.
وإن سمعت بفتوى عن عالم: أنه يقول بكذا وكذا، فما الذي يمنعك من التأكد منه مباشرة؟
والأمر متيسر قبل أن تشيع ذلك عنه، أو أن تقع في عرضه.
ومما ينبغي علمه أخيراً: أن الفراغ بين الشباب، يورث الشائعات، والقيل والقال، وما فرغ عبد إلا سها ولها:
فراغ قاتل وهموم نفس وقيل يملأ الدنيا وقالوا


ونقل ليس تضبطه صحيحاً وأخبار بلا سند طوال


كان السلف يسمون من يجلس فارغاً: عاطلاً.
ويسمونه بطالاً.
وسماه العصر الحاضر (بطالة)، وقالوا: (مشكلة البطالة)، وبينوا ما هي الحلول المقترحة لها؛ لأنها تورث المهاترات، والنقولات، والشائعات.
والخطير: أن يوجد بين صفوف الشباب بطالة، وعطالة، فلا تجدهم يشتغلون بعمل، أو بقراءة، أو بأمر مثمر، فينقلب مجلسهم إلى قيل وقال.
لماذا لا يجتمع شبابنا على جدول لعلم مرتب من ذيل قبل حول قراءة القرآن، أو قراءة كتاب علمي، أو ذكر، أو مشكلة تحل فتدرس، أو غير ذلك من المسائل؟
والعبد يحسب عليه وقته، ودقائقه، وثوانيه.
قال بعض الفضلاء: إن الوقت غالٍ عند كثير من الأمم، إلا الأمة الإسلامية فإنه من أرخص الأشياء عندها، إلا من رحمهم الله.
فنصيحتي لنفسي وإخواني أن لا نهدر أوقاتنا في (قيل وقالوا) وأن نصرفها إلى ما ينفع في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:38 AM.


IPTEGY.COM® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Powered By iptegy.com.

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]