د. مسعود بن بشير المحمدي*

حديث القلم
واعظ وقناة فضائية
د. مسعود بن بشير المحمدي*
سمعته يقول في إحدى القنوات الفضائية «إنني اهتديت قبل بضع سنوات وكنت قبل هدايتي أتعاطى المخدرات واجترحت معاصي كثيرة» ثم مضى الشاب في ذكر بعض زلاته وقصة هدايته، وقلت في نفسي إن حديثه الدعوي سيقف عند ذلك لكني عجبت كثيرا حيث وجدت أنه أحد نجوم تلك القناة طوال شهر رمضان يعظ ويوجه وينصح ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في أمور عامة وأسرية وتربوية ممارسا دور طالب العلم الداعية.
ومن حماقته أنه في أحد أيام رمضان عصرا كان على برنامج مباشر في تلك القناة وأخذ يذكر نكتا يرويها يصدرها بقوله «فيه واحد حشاش ثم يذكر نكتة أخرى ويقول فيه واحد محشش»، فأسفت كثيرا لأمور:
كيف تصدر تلك القناة ذلك الشاب حديث السن قليل العلم حديث الهداية وتلمعه مقدمة له على أنه شيخ واعظ وطالب علم مصدر للوعظ والإرشاد. وقد يقول قائل ليست الدعوة محصورة في من لديه علم شرعي يؤهله للقيام بها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «بلغوا عني ولو آية» فالجواب على هذا يتلخص في أن نقول إنه يجب علينا أن نجمع بين النصوص فالله سبحانه قال «قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومنِ اتبعني» قال المحققون إن البصيرة هي العلم وعليه فلا دعوة بلا علم ثم إنه عليه الصلاة والسلام قال «طلب العلم فريضة على كل مسلم» رواه *** ماجة وغيره، وقال الألباني «صحيح» فمن قصر في الإتيان بهذا الفرض فكيف يكون مخولا للقيام بالدعوة. وإنني نظرت في أقوال مثل هؤلاء المنتصبين للدعوة في قنوات فضائية والذين ليسوا من خريجي الكليات الشرعية ولم يأخذوا العلم من مشايخ معروفين فوجدت بدون استقراء طويل عميق أن لديهم أخطاء كبيرة في علم العقيدة بل ويأتون بأحاديث ضعيفة وفي أحيان أحاديث موضوعة ويفهمون فهما خاطئا لنصوص شرعية كثيرة ولا يدركون مقاصد بل ومحاسن الشريعة. ويضرون بذلك أكثر مما ينفعون.
هذا الشاب وأمثاله حديثو العهد بالهداية والتوبة لم ترسخ أقدامهم في طريق الهداية وتعلمون أحبتي القراء أننا جميعا على تخوف من زيغ قلوبنا عن الحق ولو طلبنا العلم زمانا مديدا ولذلك علمنا الله سبحانه طلب الثبات على الهدى من خلال تلاوتنا قوله سبحانه «اهدنا الصراط المستقيم» ومن الطريف أنه يقول إن له محاضرات وإن له أشرطة، وفي مرة قال إن شريطي الفلاني وجد قبولا واسعا وتوزيعا كبيرا وبيع منه كميات كبيرة. هذا مع علمنا في وزارة الشؤون الإسلامية أنه من المحال أن تأذن الوزارة لمثل هؤلاء الجهال بالوعظ والإرشاد ولم يحصل إذن من هذا النوع لمثل هؤلاء لكن القوم يسلكون سبيل القنوات الفضائية والمجالس الخاصة والملتقيات الثقافية ويصدرهم القائمون على المنتديات ثم تكون تلك لحظة البداية لعالم العمل الدعوي بغير علم وعلى غير منهاج صحيح.
* المشرف العام على الدعوة والإرشاد
في المدينة المنورة.