حنان عبدالرحيم الاحمدي(نسعى لمواكبة احتياجات القيادات الادارية النسائية في أدوارها )

المديرة العامة للفرع النسوي للمعهد د. حنان الأحمدي لـ«التنمية الإدارية»: نسعى لمواكبة احتياجات القيادات الادارية النسائية في أدوارها الجديدة



حوار: سوسن المفلح


أكدت الدكتورة حنان بنت عبد الرحيم الأحمدي المديرة العامة للفرع النسوي أن الفرع يعمل على مواكبة الاحتياجات المتزايدة للقيادات النسائية لتمكينها إدارياً للقيام بالأدوار الاستراتيجية الهامة التي أصبحت تمارسها، وذلك من خلال عدد من الأنشطة النوعية المتعددة إلى جانب المساهمة الفعالة في المجتمع عموماً. وأشارت إلى أن هذه الأنشطة تنفذ في ظل بيئة عمل مؤسسي فعال جعلت من الفرع بيئة جاذبة للخبرات والكوادر البشرية المميزة إلى جانب التخطيط لرفد هذه الكوادر بجيل جديد من أعضاء هيئة التدريب، وذلك بتنفيذ برنامج استقطاب وابتعاث مساعدي المدرب لمتابعة مسيرة التنمية الإدارية.
- في ظل الدور المتنامي للمرأة في بلادنا ووصولها لمواقع متقدمة في صنع القرارات كيف لبّى الفرع النسوي لمعهد الإدارة العامة احتياج الصف الأول من القيادات النسائية من التدريب وما هي الأنشطة والبرامج المستحدثة لهذه الفئة؟
من أهم النشاطات التي يوليها معهد الإدارة العامة اهتماماً كبيراً هي البرامج العليا الموجهة لتنمية القيادات، ومنها الحلقات التطبيقية والندوات واللقاءات العلمية واجتماعات الطاولة المستديرة، إيماناً من المعهد بما لهذه القيادات من تأثير فاعل ومباشر على التنمية الإدارية. حيث ينفذ الفرع عدداً من الحلقات التطبيقية سنوياً في موضوعات إدارية مختلفة للقيادات النسائية.
وإدراكاً من المعهد أهمية مواكبة الاحتياجات المتزايدة للقيادات النسائية والتي أصبحت تمارس أدوارا إستراتيجية هامة، فقد بادر بإتاحة الفرصة للقيادات النسائية للمشاركة في اجتماعات الطاولة المستديرة بهدف تنمية هذه القيادات الإدارية في قمة الهرم التنظيمي وتمكينها إدارياً. وتختلف اجتماعات الطاولة المستديرة عن الحلقات التطبيقية من حيث إنها تنفذ من قبل أحد الخبراء العالميين ومدتها يوم واحد عادة، وتوظف آلية تفاعلية قائمة على تبادل الرؤى والتجارب والخبرات. وقد شهد هذا النشاط تطوراً نوعياً هذا العام بإتاحة الفرصة للقيادات النسائية للمشاركة في اجتماعات الطاولة المستديرة الموجهة لوكلاء الوزارات، مما يعكس أهمية الدور القيادي للمرأة والمكانة التي وصلت لها في بلادنا برعاية حكومتنا الرشيدة أيدها الله.
نشاط الاستشارات
-إلى أي درجة أسهمت الاستشارات المقدمة من قبل الفرع في التخلص من المشاكل الإدارية والتنظيمية في الجهات الحكومية؟ و كيف يمكن تفعيل نشاط الاستشارات لخدمة شريحة أكبر من هذه الجهات؟
ترد إلينا سنوياً العديد من الطلبات من الجهات الحكومية لإجراء دراسات استشارية تساعدها على مواجهة المشكلات التي تعترضها في مجالات التنظيم الإداري وإدارة المعلومات والموارد البشرية والأنظمة والجودة وغيرها من المجالات. ونـحن في الفرع نولي اهتماما كبيراً لهذه الطلبات، ونقوم بتكليف فرق استشارية متخصصة من عضوات هيئة التدريب في المعهد من ذوات الخبرة لإجراء الزيارات الميدانية لدراسة الوضع الراهن، ومن ثم وضع البدائل المناسبة بالتشاور والتنسيق مع الجهة طالبة الاستشارة. ويؤكد الإقبال المتزايد على نشاط الاستشارات أهمية هذا النشاط وحجم الاستفادة المتحققة للجهات الحكومية من خلال الدعم الذي يقدمه المعهد في هذا المجال. ومن أهم المعوقات التي تواجه هذا النشاط انشغال أعضاء هيئة التدريب بنشاط التدريب مما لايتيح الفرصة لتلبية جميع الطلبات الواردة للفرع. من جانب آخر، فإن هناك عقبات مرتبطة بطبيعة التنظيم الإداري للأقسام النسائية والتي لاتملك في بعض الأحيان صلاحية اتخاذ القرارات المتعلقة بتطبيق الاستشارة مما يحد من الاستفادة منها. وهذا بالطبع أمر يؤخذ في الاعتبار من قبل الفرق الاستشارية والتي تحرص على أن يحظى طلب الاستشارة باقتناع الجهات العليا في المنظمة ودعمها، وأن يتم التنسيق معها بشكل مستمر أثناء إجراء الاستشارة والتشاور معها حيال البدائل المطروحة.
تجربة استقطاب مساعدي المدربين
-تم تعيين عدد من مساعدي المدربين لإعداد جيل جديد من المدربين، كيف تقيمين هذه التجربة؟
ثلاثون عاماً تقريباً مرت على تأسيس الفرع النسوي لمعهد الإدارة العامة، لذلك أعتقد أن الفترة الراهنة تمثل مرحلة مفصلية في تاريخ الفرع بوجود خطط مستقبلية لإنشاء فروع نسائية في مناطق أخرى، إضافة إلى توسع نشاط الفرع بانتقاله للمبنى الجديد قريباً، لذلك لابد من التأسيس والإعداد لهذه المشروعات المستقبلية الكبيرة بوضع الخطط الاستراتيجية التي تواكب احتياجات المرحلة القادمة، وإعداد الكوادر البشرية المؤهلة لمواصلة المسيرة. وقد درج المعهد منذ تأسيس الفرع النسوي على تبني خطط دقيقة لاستقطاب وتهيئة دفعات متوالية من الكفاءات للعمل كأعضاء هيئة التدريب وفق رؤية واضحة للمهارات والقيم والكفاءات التي يحتاجها المعهد والتي يتم تطويرها ورعايتها من خلال برامج الابتعاث والتدريب المستمر. اعتمدت استراتيجية المعهد في الفترة التي شهدت تأسيس الفرع النسوي تنفيذ برامج إعدادية جامعية تعادل الماجستير وظيفياً لتأهيل الكوادر المواطنة، إلا أن المعهد توقف عن تنفيذ البرامج الداخلية في السنوات الأخيرة واتجه لتطويراستراتيجية خاصة لتنمية الموارد البشرية من خلال برنامج الاستقطاب والابتعاث الخارجي لمساعدي المدربين، وهي أحد أهم الروافد للقوى البشرية بالمعهد. ويخضع برنامج الاستقطاب والابتعاث لضوابط ومعايير دقيقة تسهم في تهيئة جيل جديد من أعضاء هيئة التدريب يتمتع بكفاءة عالية وخبرات ثرية ومتنوعة ووعي عميق بالدور الذي يقوم به المعهد ومتطلبات تحقيق أهدافه وطبيعة العمل فيه، عدا أنها تتمتع بدرجة عالية من الولاء للقيم التنظيمية والثقافة المميزة لمعهد الإدارة العامة. ومع وجود برنامج الاستقطاب لمساعدي المدربين، إلا أن ذلك لايمنع أن المعهد لايتردد في تعيين كفاءات مواطنة خارج هذا البرنامج من حملة الماجستير والدكتوراه في المجالات التي يحتاجها.
بيت خبرة وبيئة عمل جاذبة
-هل تعتبر بيئة الفرع النسوي بيئة جاذبة للخبرات، وما هي أهم العناصر التي ترين أنها تميز بيئة العمل فيه؟
منذ تأسيسه، تمتع الفرع النسوي بمكانة متميزة جعلته نموذجاً يُحتذى به بين القطاعات النسائية الحكومية والخاصة من حيث توفر مقومات بيئة العمل الجاذبة للخبرات والكوادر البشرية ذات الدافعية والطموح والتحدي وحس المسئولية والرغبة في التطور المستمر وخدمة الوطن من خلال عمل متجدد بعيد عن الروتين والنمطية التي تقضي على الإبداع والفكر المستقل،وفي إطار من العلاقات الإنسانية التي تطبع العمل بروح الفريق الواحد وتجعله أكثر متعة وإثراء. وعلى الرغم من خصوصية الفرع النسوي كبيئة عمل نسائية مطلقة، إلا أنه يمثل امتداداً لثقافة المعهد وهويته الفريدة التي تقوم على الالتزام والتميز المهني والولاء لقيم ومبادئ راسخة في المعهد منذ تأسيسه. ومن أهم العوامل الجاذبة للكوادر السعودية وغير السعودية هو التعلم المستمر الذي يقوم عليه العمل في المعهد، فأنت في حالة تعلم دائم أينما كان موقعك إداري أو فني أو عضو هيئة تدريب. ولانتحدث هنا عن التعلم المباشر من خلال الدورات والبرامج التطويرية الداخلية والخارجية والتي هي من أهم مقومات العمل في المعهد، ولكن نتحدث كذلك عن التعلم الذي يتحقق بشكل غير مباشر نظراً لتجدد أساليب العمل وأدواته وتقنياته وتنوع المشروعات والمهام والتدوير الوظيفي والتفاعل المستمر من خلال الأعمال الجماعية. وبالنظر إلى النخبة المميزة التي يضمها الفرع النسوي من عضوات هيئة التدريب المتخصصات في الإدارة والعلوم ذات العلاقة، واللاتي خضن تجارب عملية ثرية خلال فترة عملهن بالمعهد هيأت لهن الفرصة للتعلم والتعمق في مجالات اختصاصهن واكتساب الخبرة المهنية الرفيعة، يمكن القول إن الفرع يمثل بيت خبرة وبيئة عمل جاذبة للكفاءات.
الإمكانات المتاحة في المبنى الجديد
-يشكل مبنى الفرع النسوي الجديد نقلة نوعية كبيرة، ما هو تصورك للوضع المستقبلي؟ وما هي الاستعدادات لهذه النقلة؟ وكيف ستؤثر الإمكانات الجديدة المتاحة في هذا المبنى على الأنشطة في الفرع عموماً ؟
نـحن متفائلات بالنسبة للمستقبل، فالإمكانات المتاحة في المبنى الجديد ستؤثر في أدائنا بشكل إيجابي إن شاء الله، سواء من حيث الزيادة في عدد القاعات والمعامل التدريبية أو من ناحية توفير خدمات مثل مركز المؤتمرات والمكتبة التي ستفتح لنا آفاقا جديدة لتنفيذ أنشطة نوعية مقدمة لجميع المستويات الإدارية، وتمكننا من أداء دورنا بفعالية أكبر ملاءمة لمستوى المرحلة المتطورة التي تشهدها بلادنا حالياً، خاصة بالنسبة للأدوار الجديدة للمرأة وتمكينها من أداء دورها في مسيرة التنمية بشكل فعال. ولهذا تعد الآن الخطط المستقبلية ورصد الاحتياجات لها سواء من حيث الموارد البشرية التي يجري استقطابها من الآن، أو من حيث التخطيط لأنشطة نوعية ما كانت لتنفذ إلا في ظل إمكانات يوفرها لنا المبنى الجديد.
آلية صنع القرار
-يقال “إن المرأة مع ما وصلت إليه من مستويات متقدمة، فإن مهمتها تنحصر في تنفيذ القرارات التي يتم اتخاذها من قبل الإدارات التابعة لها”, كيف ترين ذلك؟
هذه المقولة على الرغم من أنها تنتمي لحقبة آمل أنها مضت إلا أنها تعكس شيئا من ثقافة موجودة تنظر للمرأة كعنصر دخيل على العمل الإداري. ولو تحدثنا على وجه العموم عن إشكالية المشاركة في صنع القرار الإداري، فالملاحظ أنه على الرغم من التحولات التي شهدها المجتمع السعودي والتغيرات الكبيرة في الدور المهني للمرأة، إلا أن الثقافة الاجتماعية التقليدية والقناعات الشخصية تلقي بظلالها على البيئة الإدارية، وتؤثر في مستوى المشاركة، فتمنح الرجل الامتياز في صنع واتخاذ القرار. لكني شخصياً أجد من خلال تجربتي المهنية داخل المعهد وخارجه أن هناك رغبة صادقة على مختلف المستويات لتمكين المرأة وتعزيز مساهمتها في القرارات الإدارية، وإن كان ذلك يخضع في كثير من الأحيان لاعتبارات وعوامل مختلفة عن التي تحكمها مشاركة الرجل، لوجود حاجز ثقافي يفرض على المرأة في المواقع القيادية بذل جهد مضاعف لإكتساب المصداقية والقدرة على التأثير والمشاركة بدرجة مساوية لشقيقها الرجل. كما لاننسى أن العمل الإداري لايخضع في بعض الأحوال لقواعد واضحة ومنطقية، فهناك الكثير من الاعتبارات والعوامل غير المباشرة التي تؤثر في عملية صنع القرار، منها على سبيل المثال التواصل الشخصي المباشر والعلاقات الإنسانية. وإذ تعمل كثير من القطاعات النسائية بمعزل عن متخذ القرار، فإن هذا يؤثر إلى حد كبير في قدرتها على التأثير. لذلك تسعى المنظمات التي ترغب في تحقيق التمكين الإداري للقيادات النسائية فيها جادة لإيجاد آليات مؤسسية تضمن المشاركة في صنع القرار وتقضي على القيم والاتجاهات السلبية التي تفرض حدوداً غير مرئية على التواصل المفتوح والمشاركة في صنع القرار.
متطلبات المرحلة القادمة
-ما هي متطلبات المرحلة القادمة التي تقع على عاتق الفرع النسوي لتلبية الاحتياجات التدريبية لهذه الفئة من القيادات النسائية؟
إن مشاركة المرأة بشكل فاعل في الشأن العام تتطلب إعداد القيادات النسائية الواعية لدورها الجديد بتمكينها من المهارات اللازمة لممارسة هذا العمل بكفاءة والقدرة على التأثير الإيجابي في أداء كل من المجلس البلدي ومجلس الشورى. ونـحن نبحث في الفرع النسوي منذ صدور تلك القرارات الخيارات المناسبة لدعم هذه القرارات من خلال نشاطاتنا الرئيسية، وهي التدريب والبحوث والاستشارات. ولاشك أن هناك حاجة للتوعية بالأدوار التي تقوم بها المجالس البلدية ومجلس الشورى، والمساهمة التي يمكن أن تقدمها المرأة في هذه المجالس، والتركيز على المهارات القيادية التي تتطلبها لتقوم بدورها بكفاءة. ولاشك أن هذه القرارات تفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي حول الدور القيادي للمرأة ومشاركتها في الشأن العام وهي موضوعات على الرغم من أهميتها على الصعيدين المحلي و العالمي، فإنها لم تحظ بما تستحق من البحث العلمي الرصين والجاد.
الأدوار الجديدة للقيادات النسائية
-بصفتك إحدى المهتمات بالدور القيادي للمرأة السعودية، كيف تلقيت القرارات السامية بخصوص عضوية المرأة لمجلس الشورى والمجالس البلدية ؟
كان لتلك القرارات وقع كبير في نفسي إذ كنت من بين الحاضرين في ذلك اليوم التاريخي في مجلس الشورى للاستماع لخطاب خادم الحرمين الشريفين في افتتاح الدورة الخامسة من أعمال مجلس الشورى. ومع كل ما حملته تلك اللحظة من ترقب وإحساس بهيبة المكان واختلاف الزمان، وحب عارم للوطن ولقائده. لم نتوقع الكثير ولم نـحمل في تلك اللحظة إلا مشاعر الفخر والاعتزاز بمشاركة هذه اللحظة مع أشقائنا الرجال، ولكن عندما بدأ - حفظه الله - في إلقاء كلمته التي كانت جلها للتأكيد على مكانة المرأة والحرص على عدم تهميشها، أدركنا أن تلك المقدمة تحمل بين طياتها معانى أكبر،عندها أعلن حفظه الله عن تلك القرارات التاريخية التي تمنح المرأة حقوقاً سياسية مساوية لشقيقها الرجل. وقد جاءت هذه القرارات لتواكب ماتطالب به أصوات عديدة في المجتمع من النساء والرجال بتفعيل مشاركة المرأة في القرارات المجتمعية وفي الشأن العام.