يغسل ملابسهم وسياراتهم ليصرف على نفسه ودراسته(معانة شاب سعودي)
يغسل ملابسهم وسياراتهم ليصرف على نفسه ودراسته جامعي ينظف شقق العزاب
عبدالعزيز الربيعي (الطائف)قد لا تصدق عينيك وأنت تشاهد عيسى، الشاب الثلاثيني وهو يغسل سيارات المارة، ولكن تصدق حتى في أغرب أحلامك أو كوابيسك أنك سترى عيسى يغسل الملابس وينظف شقق العزاب ليتمكن من إعالة نفسه.
عيسى، شاب ثلاثيني عانى على امتداد 13 عاما، تجرع فيها أنواع الحرمان بعد وفاة والده، وأصبح يعامل معاملة الخادم عند عمه بعد رحيل الوالد «كما يقول».عيسى الذي أجهش بالبكاء وهو يتحدث عبر الهاتف لـ«عكاظ»، يروي حكايته
«ولدت وتربيت لمدة خمس سنوات في الكويت بسبب وجود والدي هناك في تلك الفترة، وبعد أن توفي والدي عدت إلى المملكة في إحدى المدن، وتعرضت للكثير من التمييز بيني وبين أبناء عمومتي حيث كنت أحرم من الفسحة الصباحية في المدرسة، بينما أبناء عمومتي يتناولون ألذ الوجبات ، وكانوا يرتدون أجمل الملابس وأنا محروم منها»، مضيفا «كافحت وتحملت كل أنواع التوبيخ والضرب والتقليل من شأني والحقد حتى تخرجت من المرحلة الثانوية، كنت متفوقا دراسيا رغم الظروف التي كانت تمر بي، وقررت بعد الحديث مع أحد الأصدقاء أنه لابد من الرحيل، وقررت السفر إلى المنطقة الشرقية وبالتحديد الدمام؛ للبحث عن عمل يحميني من الجوع ويحفظ لي كرامتي التي كان يجرحها عمي - يرحمه الله - كل يوم قبل وفاته».شقة الدمامويستطرد عيسى قائلا «جمعت مبلغ 120 ريالا من بعض الأصدقاء وبعض معارفي وعزمت على الرحيل، حيث خرجت من المنزل بحجة ذهابي لغسيل ملابس، وأنا أحمل ملابسي في يدي، وفي جيبي رقم هاتف لأحد أصدقاء زميلي في الدراسة، وركبت أكثر من 12 سيارة بين سيارات صغيرة وشاحنات، كل ذلك من أجل أن يبقى المبلغ في جيبي ولا أصرف منه شيئا، حتى أنني لم أتناول الطعام إلا مع أحد سائقي السيارات، والذي قدم لي الأكل بعد أن عرف بمعاناتي، وقد وصلت إلى الدمام وأجريت اتصالي بالشخص المرسل إليه من هاتف أحد الأشخاص وقابلني بعد وقت، حيث ذهبت معه إلى الشقة ووجدت عددا من الشباب وأبلغتهم بأنني أبحث عن عمل وقد يستغرق وجودي بعض الوقت معهم في الشقة، وأنني أرغب في البقاء معهم، لكنهم بعد مشاورات رفضوا بقائي وأمهلوني ثلاثة أيام حتى أنتهي من أشغالي وأغادر المنزل، أحسست أن الأبواب أغلقت في وجهي وتوسلتهم أن أجلس معهم مقابل أن أقوم بكافة أعمال الشقة، من غسيل ملابسهم وسياراتهم وطبخ الوجبات كافة وتنظيف الشقة بدلا من العامل، فوافقوا بشرط اختباري لمدة أسبوع، حيث قرروا بعد ذلك بقائي، وكنت العامل المخلص في عملي، أقوم بالغسيل وطهي الطعام وتنظيف الملابس والشقة وغيرها مقابل السكن معهم».240 ريالاويضيف عيسى «كنت أقدم وجبة الإفطار، وأقوم بالسير على قدمي للشركات باحثا عن عمل، وبعد أكثر من شهرين من البحث المضني وجدت عملا بـ1500ريال، والتحقت بدورة لحام، كنت أحضر الدورة وأعود للعمل في المنزل والتنظيف، حتى أكملت الدورة بنجاح، بعد ذلك بحثت عن عمل آخر، فوجدت وظيفة معقب في جمرك المنطقة الشرقية براتب 2000 ريال، مما جعل الشباب الذين أعمل عندهم يطالبوني بمبلغ 200 ريال شهريا مقابل السكن مما زاد في معاناتي كون الراتب لا يفي بالمواصلات، حيث كنت أدفع مبلغ 500 ريال للباص، وحاولت بكافة الطرق العمل دون استطاعة، وكنت أنام في بعض الأيام على وجبة واحدة فقط هي العشاء أو الغداء، حتى أوفر بعض المال، وبعد ثلاث سنوات اضطررت لمواصلة دراستي فاتجهت للرياض، وبعد ثلاث محاولات وتوسلات تم قبولي في مدينة المجمعة في إحدى الكليات وبمكافأة 990 ريالا، مما أجبرني على الرحيل من الشرقية، وهذا يعني حرماني من السكن، حيث لازلت أعيش في استراحة مع أحد الزملاء وأقوم بغسل السيارات وإيصال مشاوير بسيارة استدنتها بقسط شهري 750 ريال، ويتبقى من راتبي 240 ريالا فقط».وناشد الشاب عيسى كل من يستطيع أن يدله على طريق يبحث من خلاله عن وظيفة يستطيع العيش منها بعد أن أصبح وحيدا لا يجد من يقف إلى جانبه ووالدته التي تسكن في منطقة بعيدة ولا يستطيع الوصول إليها لظروفه المالية الصعبة، بأن يدله عليها ويساعده على الالتحاق بها.
|