![]() |
![]() |
التميز خلال 24 ساعة | |||
![]() ![]() |
![]() ![]() |
![]() ![]() |
|
قريبا![]() |
بقلم : ![]() |
قريبا![]() |
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
![]() |
|
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() ![]() لا يوصي الطب الحديث بالحجامة، التي ينظر إليها بعض الناس على أنها تقليد بربري، خصوصاً أن عملية فصد جسم المريض في أمكنة محددة لإخراج الدم الفاسد -كما يُعتقد- أُوقف العمل بها منذ منتصف القرن العشرين، خصوصاً بعد اختراع المضادات الحيوية. لكن ألا يجدر بنا قبل أن نصدِّق ذلك أن نطّلع على ما أسفرت عنه البحوث العلمية الحديثة حول جدوى علاج ألم أسفل الظهر بالحجامة؟! وكيف يمكن أن تكون الحجامة أسلوباً عقيماً وقد انتهجت أسلوباً علاجياً مدةً تزيد على خمسة آلاف سنة؟! ماذا تعرف عن ألم أسفل الظهر؟ ألم أسفل الظهر Low Back pain هو أحد الأمراض الأكثر شيوعاً وانتشاراً في العالم، ولا يزال على قائمة أسباب البحث عن العلاج الطبي والتغيّب المرضي عن العمل؛ فهو المشكلة الرئيسة للرعاية الصحية في العالم. أما الأنباء الجيدة، فهي أنه بالإمكان تجنّب مسبّبات آلام الظهر، وإذا أخفقت محاولات تجنّبها فغالباً ما تنجح خطوات علاجية بسيطة يمكن القيام به من البيت، من شأنها أن تعالج آلام الظهر خلال عدة أسابيع، إضافةً إلى الحرص على تفعيل الجسم بشكل صحيح؛ ليعود الظهر إلى حالته الصحية السليمة مدةً زمنيةً طويلةً. ولحسن الحظ يعدّ اللجوء إلى حلّ جراحي لآلام الظهر مسألة نادرة جداً. ترجع أسباب آلام أسفل الظهر عامةً إلى خليط من أعراض الاضطرابات العضلية الهيكلية، أو اضطرابات الفقرات القطنية، والأسباب المباشرة منها يمكن أن تشمل هشاشة العظام، والروماتيزم، والتهاب المفاصل، وتأكّل الأقراص بين الفقرات، أو الفتق في قرص العمود الفقري (الانزلاق الغضروفي)، أو الانكسار الفقري (مثل ترقّق العظام)، أو نادراً الالتهاب أو الورم (بما في ذلك السرطان)، وقد يكون السبب أيضاً نفسياً، أو عاطفياً، أو أيّ أسباب أخرى غير العوامل التشريحية. وغالباً تنجم آلام أسفل الظهر عن إصابة حادة في أسفل الظهر نتيجة حادث ما، مثل حادث سيارة، أو سقوط يحدث فجأةً، وضحايا هذه الإصابات عادةً يكونون قادرين على تحديد متى حدث ذلك بالضبط. وإكلينيكياً، قد تكون النوبات حادةً أو مزمنة، وفي الحالات الحادة من المرجّح أن تكون الإصابة في الأنسجة الليّنة، مثل: الأقراص بين الفقرات، والعضلات، وأربطة الأوتار. باقة من الخيارات العلاجية على الرغم من أن ألم أسفل الظهر أحد الأعراض الأكثر شيوعاً، التي تدفع البالغين إلى عيادات الرعاية الطبية طلباً للشفاء، إلا أن هناك عدداً قليلاً ومحدوداً من التدخلات العلاجية التي ثبتت فعاليتها السريرية. نموذجياً، يعالج الطبّ الحديث ألم أسفل الظهر من خلال مجموعة من أنماط العلاج الطبيعي (الفيزيائي)، وتعديل النشاط البدني والراحة، وتناول الأدوية المسكنة للألم والمضادة للالتهابات، وفي الحالات المستعصية يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي. وبشكل عام، غالباً ما تنجح هذه الخيارات العلاجية بنسب مختلفة؛ ففي كثير من الحالات يتمّ التخلص من كمية مقبولة من الألم من خلال تقنيات المعالجة الطبية المعتادة، وفي حالات أخرى يبقى بعض الألم، بينما في بعض الحالات الأخرى تكون المعالجة المعتادة غير مؤثرة على الإطلاق؛ لذا فإن المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر هم دائماً مستاؤون من خيارات المعالجة المعتادة في منظومة الطب الحديث؛ لذلك يتّجهون إلى العلاجات التكميلية، ووسائل الطب البديل، ومن بينها: المعالجة بالوخز بالإبر، والمعالجة الحرارية بأنماط مختلفة من التسخين، والتدليك الآسيوي، وطبّ الأعشاب، والحجامة بأنواعها المختلفة. وقد أظهرت نتائج الدراسة، التي أجراها شيرمان وزملاؤه عام 2006م في مركز لدراسات الصحة بسياتل في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، أن ألم الظهر كان السبب الأكثر شيوعاً لزيارة عيادات ممارسي الطب البديل والتكميلي؛ إذ يمثّل المصابون بآلام الظهر نحو 10% من زيارات المختصّين بوخز الإبر، و20% من زيارات العيادات المتخصّصة في تقويم الظهر بالمعالجة اليدوية chiropractors، و12% من زيارات عيادات المعالجين بالتدليك. ماذا عن الحجامة؟ تتمثّل طريقة العلاج بالحجامة (كؤوس الهواء) في وضع كأس على جلد المريض، وسحب الهواء منه بطرائق مختلفة؛ لإحداث ضغط سلبي، وخلخلة الهواء داخل الكأس. ومع تفاقم الضغط السلبي يخرج الدم من الشعيرات الدموية الدقيقة تحت الجلد محدثاً ما يشبه الكدمة، وبذلك يخفّ احتقان المناطق الواقعة تحت موضع الكأس أو يزول، إضافةً إلى عدد من التأثرات الانعكاسية الأخرى التي تعمل على تسكين الألم وتخفيف الاحتقان. وهناك نوعان رئيسان للحجامة: إذا استعمل الكأس من دون تشريط الجلد بالمشرط فهذا ما يُعرف بـ(الحجامة الجافة)، أما إذا استعمل الكأس بعد تشريط الجلد فهذا ما يُعرف بـ(الحجامة الرطبة). ويعدّ العلاج بالحجامة أحد أقدم صور العلاج التي مارستها البشرية بهدف العلاج والتخلص من الألم منذ أكثر من خمسة آلاف سنة؛ فقد استخدم المصريون القدماء هذه الطريقة لسحب الدم والقيح أو الصديد، وكذلك لعلاج عدد من الأمراض؛ اعتقاداً منهم بأن الحجامة تزيل المواد الضارة والمُمرضة من الجسم، وكان ذلك هو اعتقاد أبقراط (٤٦٠- ٧٧ ق. م) أبي الطب، وأعظم أطباء عصره، وأول مدوّن لكتب الطب؛ إذ كتب يقول: إن إخراج الدم يحتلّ المكانة الأولى فيما يتعلق بعلاج قائمة طويلة من الأمراض. وإضافةً إلى كلّ ذلك، فإن التداوي بالحجامة من المندوبات في الشريعة الإسلامية؛ فقد ورد في فضل التداوي بالحجامة أحاديث كثيرة، منها ما رواه جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحبّ أن أكتوي»، رواه البخاري ومسلم، وقال ﷺ: «إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري»، رواه البخاري ومسلم. وكان الصحابة الأجلاّء -رضوان الله عليهم- يقتدون بالنبي ﷺ، ويتبرّكون بالتداوي بالحجامة؛ فقد روى البخاري بسنده أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عاد المقنّع -أحد التابعين- ثم قال: «لا أبرح حتى يحتجم؛ فإني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: إن فيه شفاءً». ![]() ![]() ![]() |
![]() |
#2 |
مؤسس المنتدى( 0504464282)
![]() |
![]()
الحجامة وألم أسفل الظهر: صداقة قديمة
ورد في الموروث الشعبي والتراث العلاجي لكثير من الثقافات الطبية المختلفة أن للحجامة تأثيراً رائعاً في التخفيف من آلام الظهر، وقد استخدمت عبر العصور أشكال مختلفة من الكؤوس المصنوعة من الفخار والنحاس والبامبو وقرون الثيران المفرغة، ولا يزال العلاج الذي استعمل منذ أكثر من خمسة آلاف سنة يجد رواجاً شعبياً إلى يومنا هذا. وعلى الرغم من التشكّك الأوّلي الذي قابلت به الجهات الطبية الرسمية العلاج بالحجامة إلا أنه اليوم يُقبل -وإن كان قبولاً حذراً- بديلاً فعالاً عن المعالجة التقليدية لبعض الأمراض في الطب الحديث، أو مكملاً لعلاج كثير من الآلام، على رأسها ألم أسفل الظهر. يقول الطبيب Kuwaki، المعالج بالأعشاب والطبّ الصيني: «أكثر من 75% من مرضى ألم أسفل الظهر يشعرون بزوال الألم كلياً، أو يشعرون بارتياح جزئي عقب العلاج بالحجامة، كما أن المدة اللازمة لزوال الألم عقب الجلسة الأولى تكون دائماً متغيّرة، وليست ثابتةً، بالنسبة إلى كل المرضى». وكثيراً ما يُضاف العلاج بالحجامة بشكل إلحاقي إلى معالجات أخرى من معالجات الطب البديل؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية يدمج المختصّون في الطب الصيني التقليدي الحجامة مع المعالجة بوخز الإبر في 21% من مجمل حالات ألم أسفل الظهر. وهكذا، ارتدت الحجامة ثوب العصر الحديث، وأصبح لها مكان في منظومة العلاج الطبي الحديث بعد أن باتت تعدّ من أنجح أنواع معالجات الطب التكميلي والبديل المعروفة والمقبولة شعبياً وأشهرها. ما الذي تقوله الدراسات الطبية الحديثة؟ لطالما أثار العلاج بالحجامة كثيراً من الأسئلة والانتقادات داخل الأوساط الطبية، إلى أن انطلقت عجلة البحث العلمي في هذا المجال أخيراً؛ فخلال العقدين الماضيين نجحت الحجامة في اقتحام ساحات البحث العلمي بعد أن تمّ إجراء كثير من الدراسات والتقارير التي أكّدت فعالية العلاج بالحجامة لألم أسفل الظهر، واقتُرح عدد من آليات التأثير الفسيولوجية المناسبة التي قد تفسّر الأثر العلاجي للحجامة في ألم أسفل الظهر. في عام 1993م قام الطبيب الصيني Yuxi باختبار تأثير الحجامة في ألم أسفل الظهر الناجم عن الالتواء القطني الحاد acute lumbar sprain، وخلص إلى أن ألم أسفل الظهر بالفعل يمكن أن يُعالج بالحجامة مسجلاً نتائج جيدة. ولاحقاً، في عام 1996م، استعمل الباحث Aiwen الوخز بالإبر الدافئة مع الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر المزمن، بما في ذلك الألم الناجم عن الالتهاب المفصلي العظمي osteoarthritic hyperostosis. وفي دراسة أخرى تمّ بحث أثر الحجامة في معالجة متلازمة المستعرضة القطنية الثالثة third lumbar transverse Syndrome، التي تسبّب أيضاً ألماً في منطقة أسفل الظهر، وسجّل الباحثون نتائج جيدة في الدراستين (Sherman et al, 2001). بعد ذلك صدرت من الصين أربع تجارب سريرية عشوائية randomized controlled trial RCTs)، بحث جميعها تأثير الحجامة في ألم أسفل الظهر (Hong et al, 2006)، و(Zhou, 2007،) و(Liu et al, 2008)، و(Li & Fan et al, 2008). كما أُجريت تجربة سريرية أخرى في كوريا (Kim et al, 2008) للهدف ذاته. وأظهر مجمل نتائج هذه الدراسات أن الاستجابة للعلاج بالحجامة كانت تختلف زمنياً من مريض إلى آخر؛ إذ بدأ الألم في التحسّن بعد مددٍ زمنية متغيّرة، وشعر أغلب المرضى بالارتياح بعد الجلسة الأولى من العلاج، وبعضهم بدأ بالتحسّن بعد عدد من الجلسات المتكرّرة، ولاحظ الباحثون أيضاً أن المدة التي استمر المريض يشعر فيها بالتحسن عقب الجلسة الأولى كانت متغيّرة، وتراوح بين أسابيع وأشهر (ثلاثة أشهر). في الجامعات ومراكز البحوث العربية في عام 2006م قامت الباحثة المصرية أمل دسوقي عبدالعال -من كلية الطب بجامعة المنيا- بتصميم دراسة إكلينيكية؛ توطئةً للحصول على درجة الماجستير في علم التخدير وعلاج الأم، تحت عنوان: (مقارنة التقنيات التداخلية مقابل البديلة في علاج آلام أسفل الظهر)، وكان الهدف الرئيس من هذه الدراسة هو تحديد تأثير التقنيات التداخلية، ويمثّلها العلاج بالحقن الموضعي للمسكنات والعقاقير المخدرة خارج طبقة الأم الجافية، مقابل تقنيات الطب البديل ممثّلةً في الحجامة، وذلك من خلال مقارنة قدرة المعالجتين التداخلية والبديلة على السيطرة على الألم في حالات آلام أسفل الظهر التي يخفق معها العلاج الطبي الدوائي وتقويمها. وشملت الدراسة 80 مريضاً بألم أسفل الظهر من النوع البسيط أو الميكانيكي لم يسبق لهم الحصول على تقنيات تداخلية أو بديلة، وتمّ تقسيم المرضى بشكل عشوائي مجموعتين مساويتين: المجموعة الأولى شملت 40 مريضاً خضعوا للعلاج بالحقن الموضعي بعبوتين من عقار اليبوميدزول 40مجم في 4مل من البيبوفكين بتركيز 5%، والمجموعة الثانية شملت 40 مريضاً خضعوا للعلاج بالحجامة، وتم فيها تطبيق كؤوس الحجامة على نقاط محددة مرة أو مرتين في الشهر (1-2 جلسة/ شهر). وشملت الدراسة مقارنةً بين مفعول المعالجتين في تخفيف ألم أسفل الظهر من زوايا مختلفة، مثل: بداية الشعور بتحسّن الألم، ومدة التحسّن بعد الجلسة الأولى للعلاج، ومعدلات نجاح العلاج، والآثار الجانبية، وتمّ تقويم درجة الألم باستخدام مقياس التقدير الشفوي Verbal Rating Score VRS، وتمّ تجميع هذه البيانات قبل المعالجة، وفي أثنائها، وبعدها. قبل بدء المعالجة تمّت مقارنة درجة الألم بين المجموعتين، وتبيّن عدم وجود اختلاف ذي دلالة إحصائية بين المجموعتين، وبعد المعالجة لم تظهر اختلافات ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين، باستثناء الجلسات الرابعة والسابعة والثامنة؛ إذ تمّ تسجيل انخفاض ذي دلالة إحصائية في معدلات تحسّن الألم، وكانت جميعها في مصلحة المجموعة الثانية التي خضعت للعلاج بالحجامة. وبالنسبة إلى عدد مرات العلاج، لم يكن هناك اختلاف ذو دلالة إحصائية بين المجموعتين، بينما شهدت مدة زوال الألم بعد الجلسة الأولى دلالةً إحصائيةً بين المجموعتين، وكانت أطول بالنسبة إلى المجموعة الأولى؛ أي: لدى المرضى الذين خضعوا للعلاج بطريقة الحقن الموضعي بالمسكنات. أما بالنسبة إلى الآثار الجانبية للمعالجة، فقد سجّلت في المجموعة الأولى فقط. واستخلص فريق البحث من هذه النتائج أن للعلاج بالحجامة تأثيراً مماثلاً للعلاج بالحقن الموضعي للمسكنات والعقاقير المخدّرة خارج طبقة الأم الجافية في تسكين ألم أسفل الظهر؛ فالنتائج كانت متقاربةً في المعالجة بالطريقتين، وكلّ منهما حقّق نتائج رائعةً، لكن مع وجود نقطة اختلاف مهمة؛ فقد تفوّق العلاج بالحجامة على العلاج بالحقن الموضعي في عدم وجود مضاعفات، وغياب الآثار الجانبية. إضافةً إلى ذلك، فإن العلاج بالحجامة كان أكثر فعاليةً، وأكثر أمناً وسلامةً، وأقلّ من حيث التكلفة الاقتصادية. وفي النهاية، أوصى فريق البحث باستعمال الحجامة للتخفيف من ألم أسفل الظهر عندما تكون هناك محاذير أو موانع لاستعمال العلاج بالحقن الموضعي. وهذه النتائج تشجّع الاتجاه نحو الطرائق البديلة حين يخفق العلاج الطبي الدوائي، أو لتقليل استخدام المواد الكيميائية. انطلاق قطار الدراسات بدءاً من عام 2009م تسارع أكثر معدل إجراء الدراسات السريرية التي تهدف إلى تقويم فعالية الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر، ومعظم نتائج هذه الدراسات متاحة في موقع PubMed الشهير الخاصّ بنشر الدراسات الطبية المحكمة في العالم. أولى هذه الدراسات صدرت من إيران عام 2009م عندما أجرى الدكتور فارهاد وفريق بحثه دراسةً تطبيقيةً أخرى لتحديد كفاءة الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر المزمن غير المحدّد السبب وتقويمها. أُجريت هذه الدراسة في جامعة كرمنشاه الإيرانية للعلوم الطبية، ونشرت نتائجها في مجلة (الطب البديل في العلاج)، واستعملت الدراسة نموذج التجربة السريرية العشوائية المنضبطة لمجموعتين (A tow-group randomized controlled trial design)؛ لتحرّي فعالية العلاج بالحجامة على المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر المزمن غير المحدّد السبب. كان عدد المرضى الخاضعين للدراسة 98 مريضاً، تراوحت أعمارهم بين 17 و68 عاماً، تمّ اختيار 48 منهم بشكل عشوائي لينضموا إلى المجموعة التجريبية، و50 إلى المجموعة القياسية. خضع المرضى في المجموعة القياسية لتدابير العناية الطبية الاعتيادية، التي شملت مزيجاً من الوصفات الدوائية والتمرينات الفيزيائية المُوصى بها لتخفيف ألم أسفل الظهر، بينما خضع المرضى في المجموعة التجريبية لسلسلة من ثلاث جلسات حجامة منتظمة، تم توزيعها على مددٍ يفصل بينها ثلاثة أيام (0، و3، و6 أيام). واستعملت ثلاثة مقاييس مختلفة لتقويم درجة الألم قبل البدء بالعلاج مباشرةً وبعد ثلاثة أشهر من التدخل العلاجي للمجموعتين، هذه المقاييس هي: مؤشر McGill لقياس الألم الحالي McGill Present Pain Index، ومؤشر Oswestry لقياس الألم الناجم عن العجز Oswestry Pain Disability Index (ODQ)، ومقياس تقدير كمية الدواء Medication Quantification Scale. أظهرت مجموعة العلاج بالحجامة تحسّناً ملحوظاً خلال المتابعة التي استمرت ثلاثة أشهر متتالية؛ إذ سجّل فريق البحث انخفاضاً ملحوظاً في مقاييس الألم: الألم الحالي، والألم الناجم عن العجز الوظيفي، وكذلك في مقياس تقدير كمية الدواء، لدى المجموعة التي خضعت للعلاج بالحجامة مقارنةً بالمجموعة القياسية التي تلقّت العناية الطبية الاعتيادية. وبهذا تكون محصّلة النتائج أن المرضى في كلتا المجموعتين التجريبية والقياسية شعروا بتحسّن الألم، لكن المرضى في المجموعة التجريبية التي خضعت للمعالجة بالحجامة سجّلوا مقاييس لشدة الألم أكثر انخفاضاً من المرضى في المجموعة القياسية الذين تلقّوا العناية الطبية الاعتيادية فقط؛ إذ لم تظهر المجموعة القياسية تغيّراً جوهرياً في درجة شدة الألم، والألم الناجم عن العجز الوظيفي، وأظهرت فقط تغيراً بسيطاً في كمية استعمال الدواء. استنتج الباحثون أن المعالجة التقليدية بالحجامة بعد متابعة استمرت ثلاثة أشهر متتالية كانت أكثر فعاليةً بشكل ملحوظ في معالجة ألم أسفل الظهر مقارنةً بما تقدّمه العناية الطبية الاعتيادية، كما أنها تميّزت بتحقّق المنفعة العلاجية بعد وقت قصير مقارنةً بالعناية الطبية الاعتيادية، وفضلاً عن ذلك فإن جلسات المعالجة بالحجامة كانت آمنةً ومقبولةً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر غير المحدّد السبب، كما لم تسجّل أيّ مضاعفات أو تأثيرات مضادة بعد المعالجة. دراسة من كوريا بعد عامين، بحث فريق الدكتور كيم من كوريا (Kim et al, 2011) التأثير الإكلينيكي لعلاج ألم أسفل الظهر بالحجامة الرطبة، ودرجة أمان هذا النوع من المعالجة البديلة وسلامته. وأكدت نتائج الباحثين في مركز البحوث السريرية التابع لمعهد كوريا للطب الشرقي نتائج الدراسة الإيرانية التي أجراها الدكتور فارهاد وزملاؤه. في هذه الدراسة الكورية، قام فريق البحث بتجميع 32 مشاركاً في الدراسة، جميعهم من المرضى الذين يعانون منذ أكثر من ثلاثة أشهر ألم أسفل الظهر غير المحدّد السبب، وتم تقسيمهم بشكل عشوائي مجموعتين: مجموعة علاجية ستخضع للعلاج بالحجامة، وشملت 21 مريضاً، ومجموعة قائمة الانتظار، ولن تخضع للعلاج بالحجامة، وشملت 11 مريضاً. وفقاً لقواعد ممارسة الطب الكوري التقليدي، خضعت مجموعة الحجامة لتطبيق كؤوس الحجامة على ثلاثة مواضع من مواضع الإبر الصينية (BL23، وBL24، وBL25)، وتكرّر ذلك ستّ مرات خلال أسبوعين. وسُمح للمجموعتين باستعمال وسائل العناية الطبية الاعتيادية، وشمل ذلك تزويد جميع المرضى الخاضعين للدراسة بالكتيبات الإرشادية للتمرينات والنصائح العامة المناسبة لألم أسفل الظهر، واستعمال عقار الأسيتامينوفين Acetaminophen، أو الباراسيتامول Paracetamol، وهو مسكّن غير أفيوني لا يمتلك تأثيرات مضادة للالتهاب. وشارك باحثون مستقلّون في تقويم النتيجة؛ إذ استعمل مقياس التقدير العددي للألم من 0 إلى 100 (NRS: numerical rating scale)، واستبيان McGill لقياس كثافة الألم؛ واستفتاء Oswestry لقياس الألم الناجم عن العجز Oswestry Disability Questionnaire (ODQ)، كما تمّ تقدير استعمال عقار الـaminophen، وتقويم مسألة الأمان والمضاعفات الجانبية أيضاً. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#3 |
مؤسس المنتدى( 0504464282)
![]() |
![]()
أظهرت النتائج الإحصائية أن مقياس التقدير العددي للألم انخفض في مجموعة الحجامة أكثر منه في مجموعة قائمة الانتظار، لكن لم يكن الاختلاف بين المجموعتين ذا دلالة إحصائية. أما استفتاء Oswestry لقياس الألم الناجم عن العجز، فلم يظهر اختلافات مهمة بين المجموعتين، ومع ذلك فقد أظهرت مؤشرات الألم الحالي اختلافات ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين. وبسبب الحجم الصغير لعينة الدراسة لا يبدو مهماً أن درجة التحسين الوظيفي -وفقاً لمقياس ODQ- لم تكن كبيرةً بما فيه الكفاية ليظهر اختلاف ملحوظ بين المجموعتين. وقد لاحظ فريق البحث أنه خلال أربعة أسابيع من المعالجة كان معدل استعمال مجموعة الحجامة لعقار الأسيتامينوفين Acetaminophen المسكّن أقل منه في مجموعة قائمة الانتظار التي لم تخضع للمعالجة بالحجامة، ولم تسجل أيّ مضاعفات أو أعراض جانبية بسبب العلاج بالحجامة. واستنتج فريق البحث أنه على الرغم من عدم تسجيل اختلاف ملحوظ في مقياس التقدير العددي للألم إلا أن المعالجة بالحجامة تبدو فعالةً في تخفيض درجة الألم الحالي باستخدام مقياس PPI، إضافةً إلى فعاليتها في تقليل استعمال المسكنات وفقاً لإجمالي العدد الكلي لجرعات الـacetaminophen الذي تمّ استعماله في هذه الدراسة. وخلص الباحثون إلى أن هذه الدراسة الأولية قد تزوّد المهتمين ببحوث الحجامة ببيانات تمهيدية حول فعالية تطبيق الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر وأمانه. وفي النهاية، أوصى الباحثون بضرورة إجراء مزيد من التجارب والدراسات العشوائية المحكمة على نطاق شامل؛ لتقديم الدليل الحاسم لفعالية هذا النوع من التدخل العلاجي.
دراسة ثالثة من تايوان دراسة أخرى أجراها في تايوان الدكتور لين ورفاقه عام 2012م أظهرت أن الحجامة الجافة يمكن أن تكون خياراً مناسباً لمعالجة المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر. وكان الهدف من هذه الدراسة هو تقويم تأثير العلاج المزدوج بالوخز بإبر الليزر والحجامة الجافة في ألم أسفل الظهر، وتمّ فيها تقسيم المرضى الخاضعين للدراسة بشكل عشوائي مجموعتين: مجموعة العلاج المموّه التي تلقّى أفرادها علاجاً زائفاً ممثّلاً في الليزر الخادع والحجامة الجافة، والمجموعة النشطة التي تلقّى أفرادها علاجاً حقيقياً ممثّلاً في الوخز بإبر الليزر والحجامة الجافة، واستخدمت أجهزة حديثة صُمِّمت للجمع بين العلاج بالحجامة الجافة والعلاج بالإبر الصينية توضع فيها الكؤوس على نقاط الإبر الصينية نفسها، واستخدم الباحثون المقياس التمثيلي البصري VAS لقياس درجة الألم، وتقويم تأثير المعالجة في ألم أسفل الظهر. وأظهرت النتائج اختلافاً ملحوظاً بين درجة الألم في اليوم الأول والخامس من بدء المعالجة في المجموعتين، وأكدت أن دمج المعالجة بالوخز بإبر الليزر مع الحجامة الجافة اللطيفة Soft Dry Cupping على موضع الإبر الصينية المعروف باسم Weizong acupoint، إضافةً إلى مواضع الألم التي يحدّدها المريض Ashi acupoint، يمكن أن يخفّف أعراض ألم أسفل الظهر. وفي النهاية، خلص الباحثون إلى أن المعالجة بالوخز بإبر الليزر مع الحجامة الجافة كان فعالاً، ويمكن أن يكون أحد الخيارات العلاجية المناسبة للمرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر. كيف تساعد الحجامة على تخفيف ألم أسفل الظهر؟ هناك عدد من النظريات والآليات الفسيولوجية التي يمكن أن تفسّر آلية عمل الحجامة، والطريقة التي تُحدث بها أثرها العلاجي في المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر، منها ما يأتي: - نظرية بوابة التحكم في الألم Gate Control Theory: ينتقل الإحساس بالألم، وكذلك الإحساس بالحرارة أو البرودة، على شكل موجات عبر بوابات متعددة على مسار الجهاز العصبي المركزي، وخلال نهايات الألياف العصبية الدقيقة، ومنها إلى الحبل الشوكي بالعمود الفقري. وعبر البوابة التي تسمى (Substantia Belatinosa) ينتقل هذا الإحساس إلى الدماغ، وعندما يصل التنبيه إلى المخ عن طريق الأعصاب فإن المخ يترجم هذا التنبيه حسب مصدره ونوعه؛ أي: يحدد نوع التنبيه، ألماً كان أم لمساً، حرارةً أم برودةً. وفي الظروف العادية تكون هذه البوابات مفتوحةً بشكل يسمح لإشارات الألم بأن تعبر خلالها بسهولة، لكن إذا وصل عدد التنبيهات التي تصل إلى المخ في وقت واحد إلى عدد كبير فإن المخ لا يستطيع التمييز بينها، وعندئذٍ يتوقف عن العمل؛ فيلغي الشعور من المنطقة التي زاد فيها عدد التنبيهات. وعند التأثير في المنطقة المؤلمة باستخدام الحجامة تنطلق من نهايات الأعصاب في المنطقة المحجومة موجات هائلة من التنبيهات والإشارات العصبية غير المؤلمة، التي تسافر عبر نهايات الألياف العصبية الغليظة إلى بوابة الحبل الشوكي، ويؤدي ازدحام الإشارات إلى إغلاق هذه البوابة تماماً؛ فيتوقف انتقال الإحساس الناتج من تطبيق الحجامة، وأيّ إحساس آخر آتٍ من أيّ منطقة في الجسم، بما في ذلك الإحساس بألم أسفل الظهر، إلى الدماغ، وكأن الدماغ يقوم بإلغاء الشعور من المنطقة، ويزول الألم. تماماً كما يحدث عندما يتدافع عدد كبير من الأشخاص للدخول من بوابة واحدة، فيجبر ذلك البواب على إغلاق البوابة، ومنع الجميع من الدخول عبرها، لكنه يسمح بعد ذلك بمرور الإشارات الآتية عبر الألياف الغليظة، وهي الإشارات غير المؤلمة، وهو ما يُعرف بالتفاعل الاستبدالي؛ أي: بدلاً من وصول الإشارات المؤلمة إلى الجهاز العصبي المركزي فإن إشارات غير مؤلمة تصل إليه، وبذلك يحدث المفعول المسكّن، ويُعتقد أن الجهاز السمبثاوي يؤدي دوراً في هذه الخاصية التوصيلية، أو أن يؤدي ذلك إلى نظرية التحكم المركزي في بوابة الألم، أو التثبيط المركزي للجهاز العصبي؛ أي: قصر الشعور بالألم داخل الدماغ، وليس في الحبل الشوكي أو ما يحيط به، وذلك عن طريق إفراز المواد الأفيونية (مسكنات الألم الطبيعية التي ينتجها الدماغ) والهرمونات العصبية؛ مثل: الإندورفين والإنكيفالين، التي تنتج المورفين بشكل طبيعي. ويقوم هذا التعليل للأثر المسكّن للحجامة على النظرية الفيسيولوجية التي تُعرف بـ(نظرية التحكّم في بوابة الألم)، وأول من وضع هذه النظرية، ونشرها، وأجرى البحوث عليها، هما العالمان: رونالد ميلزاك، وباتريك وول، عام 1962م. وفي عام 1965م اقترحا أن الألم ليس مجرد نتيجة مباشرة لتنشيط ألياف الألم، لكن ينتج من التفاعل بين الإثارة والكبت لمسارات الألم. ووفقاً للنظرية، فإن التحكّم في الألم يكون بتثبيط مسارات الألم؛ لذلك فإن الإحساس بالألم يمكن أن يتغيّر الشعور به، أو عدم الشعور به، عن طريق عدد من الوسائل من الناحية الفسيولوجية والنفسية والطبية. وقامت نظرية بوابة التحكم بشكل مستقلّ بعيداً من الوخز بالإبر بناءً على علم الأعصاب، لكن هذه النظرية تفسّر أيضاً تأثير الوخز بالإبر الصينية في السيطرة على الألم، وعُدَّت في وقت لاحق آليةً لتوضيح فرضيات تحليل عمل الوخز بالإبر في جذع الدماغ (تشكيل شبكة جذع الدماغ) كما أكّد ذلك اختصاصي ألماني في علم الأعصاب عام 1976م. ونظرية بوابة الألم لا تفسّر فقط آلية عمل الإبر الصينية؛ فهذه النظرية تُطبَّق أيضاً على كثير من أجهزة العلاج الطبيعي. - نظرية الهرمونات العصبية Neurohormonal theory: يمكن لناقلات الألم أن تتكيّف مع كثير من المستويات الأخرى في الدماغ على طول مسارات الألم، بما في ذلك القشرة الرمادية، والمهاد، ومسارات التغذية المرتدة من قشرة المخ إلى المهاد. ويكون قصر الألم على هذه الأمكنة في المخ غالباً من خلال الهرمونات العصبية، خصوصاً تلك التي ترتبط بمستقبلات الأفيونيات (مكان القضاء على الألم). ويمكن أن يرتبط التأثير المسكّن للحجامة بإفراز الإندورفين الطبيعي في الدماغ؛ إذ تثير عملية الحجامة نهايات الأعصاب العارية الموجودة في الجلد والعضلات وأنسجة الجسم المختلفة التي تنقل أو تستقبل الألم بوصفها مستقبلات خاصة له، ويؤدي الضغط السلبي داخل كأس الحجامة إلى الامتصاص القويّ للجلد، ويترتب على ذلك الإحساس بالألم، وهو -بدوره- يعمل على تنشيط الجهاز العصبي لإفراز هرمونات مسكنة داخلياً تشبه في مفعولها الأفيون ومشتقاته، إلى درجة أن العلماء أطلقوا عليها اسم المواد شبه الأفيونية، وهي: الانكفالينات Enkephalins، والإندورفينات Endorphins، ولهذه الانكفالينات والإندورفينات مستقبلات خاصة بها. وإطلاق هذه الهرمونات، التي تُفرز طبيعياً من جسم الإنسان، يسكن الألم، ويعمل على تفعيل عوامل مناعية/ عصبية Fctors Neurohumoral أخرى، وهو ما يحدث تغيّراً في آلية استقبال الألم في الدماغ والحبل الشوكي. ويُعزى إليها الأثر التسكيني للألم الذي تحدثه الإبر الصينية Acupuncture، لكن في الإبر الصينية يتم تنبيه مراكز الإحساس فقط، أما في الحجامة فيتم تنبيه مراكز الإحساس، إضافةً إلى تحريك الدورة الدموية، وتنبيه جهاز المناعة. ويُعزى إلى الانكفالينات والإندورفينات كذلك تفسير التسكين بالإيحاء، كما يُعزى إليها تسكين الآلام الجسمانية التلقائية. وعندما يثبط إفرازها بتأثير الإدمان للأفيون ومشتقاته؛ أي: التناول المنتظم للأفيون، تحدث آلام شديدة في الجسم ضمن الأعراض الانسحابية. وطبقاً لنظرية (برومرز)، فإن الانكفالينات والإندورفينات المفرزة تقوم بالالتحام مع مستقبلات الألم في النهايات العصبية، وهو ما يؤدي إلى تقليل الجهد الممارس على النهاية العصبية، وتقليل التوصيل، وبذلك تسافر الإشارات العصبية المؤلمة بشكل بطيء جداً وقليل أيضاً، كما تستقبل الخلايا العصبية المستقبلة للإشارات موجات أقلّ، وإحساساً أقلّ، وتكون النتيجة النهائية انحسار موجة الألم، وتراجع الإحساس به. ومن جهة أخرى، تعمل هذه الهرمونات على تهدئة الالتهاب عبر إطلاق مواد كيميائية تعمل على ضبط التفاعلات الوعائية والمناعية في الجسم وتقويمها. - نظرية الألم المشتّت Counter Irritation: يزيد عدد مستقبلات الألم التي تنتشر على سطح الجلد، سواء أكانت مستقبلات للحرارة، أم الرطوبة، أم اللمس، أم للألم خاصةً؛ لذلك يمثّل الجلد الدرع الواقي لأنسجة الجسم من الأذى، ليس بسبب تغليفه سطح الجسم بالكامل وامتداده فحسب، لكن بسبب كثرة المستقبلات فيه؛ لأن النهايات العادية للأعصاب المنتشرة بين خلايا الجلد تعمل على حماية الجسم من خلال تنبيه الإنسان للابتعاد عن مصدر الأذى الذي سبّب الاستثارة العصبية، وإنقاذ جسمه من الخطر. ويمكن أن يزول الألم بتشتيت الانتباه عنه بنوع آخر من الاستثارة، وهذه النظرية العلمية يطبّقها كلّ منّا تلقائياً عندما يشعر بألم أو حكّة في أيّ جزء من جلده، فيقوم بتدليك المكان أو هرشه؛ فلا يشعر بالألم بعد ذلك. وهذا الأمر كان يُستعمل في العلاج الشعبي في صورة الكيّ بالنار لجزء من الجسم؛ فيحدث ألماً يشغل اهتمام المريض عن الألم الأصلي المستهدف علاجه، فينساه المريض. وتعدّ الحجامة أيضاً إحدى وسائل علاج الألم القائمة على النظرية ذاتها. - إخراج المواد المسبّبة للألم Removal of painful substances: أوضحت النظرية الكيميائية لحدوث الآلام أن الألم يحدث بتأثير المواد المسببة للألم (المثيرات المؤلمة)، وهي المواد الناتجة من موت الأنسجة، أو التهابها، مثل: مادة البراديكينين Bradykinin، ومادة الهيستامين Histamine، ومادة أخرى أطلق عليها المادة P. وتنطلق هذه المواد الكيميائية من الأنسجة المتألمة؛ لتثير نهايات الأعصاب العارية الموجودة في الجلد والعضلات وأنسجة الجسم المختلفة التي تنقل أو تستقبل الألم بوصفها مستقبلات خاصة له، ويترتب على ذلك الإحساس بالألم. وإخراج هذه المواد لا يعمل فقط على تقليل الآلام، لكن على تقليل الالتهاب الحادث في المكان المصاب أيضاً؛ فمادة الهيستامين -مثلاً- من ضمن نواقل الالتهاب Inflammatory mediator، وعندما تُفرز وتُحرّر من الـmast cells تؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية، وزيادة نفاذية جدار الأوعية الدموية، وهذا الأمر يؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية، مثل: سيلان الأنف، وتدميع العينين Watery eye. ويعمل امتصاص الحجامة للجلد على إخراج التجمعات الدموية الموجودة داخل العضلات ناحية الجلد، ويعتقد أن الحجامة بذلك تعمل على إخراج المواد المسببة للآلام، وتقليل الدم والسوائل التى تصاحب عملية الالتهاب بإخراج هذه السوائل من المسافات البينية بين الخلايا، ومعها المواد المنشطة للالتهاب، مثل مادة الهيستامين. كما يفترض بعض ممارسي الحجامة أنها تعمل على إخراج حامض اللاكتيك LACTIC ACID، الذي يسبّب تراكمه في العضلات حدوث الآلام والإجهاد العضلي، فيزول الإجهاد والشد العضلي. ولا يقتصر تأثير الحجامة على نزح الدم المحمّل بمسببات الألم، أو ما يسمى بالدم الفاسد مجازاً؛ إذ لا يوجد دم فاسد داخل الجسم، فإضافةً إلى ذلك تمدّ عملية إزالة الدم المحتقن من موضع الحجامة العضلات المعتلة بالدم الجديد المحمّل بالأكسجين والغذاء وأسباب الحياة، وبذلك تعمل الحجامة على توصيل الأكسجين اللازم للألياف العضلية، وهو ما يزيد استهلاك الخلايا له؛ فتنشط هذه العضلات وتعود إلى طبيعتها، وكلّ ذلك يعزّز تقوية العضلات، وتحسين أدائها، وتصبح أقدر على مقاومة الألم. - نظرية تعزيز الارتواء الدموي: يتسبّب الألم في حدوث تقلّص عضلي في العضلات المحيطة بمكان الألم، ويتسبّب هذا التقلص في حدوث نقص في حركة المفصل المصاب، وحركة المريض عامةً، ويُحدث هذا النقص في الحركة نقصاً في الدورة الدموية، وركوداً للدم في المكان المصاب، ويتسبّب نقص الدورة الدموية في حدوث الألم مرةً أخرى؛ لذلك فإن الحجامة تعمل على فتح هذه الدائرة عند منطقة الألم، وعند منطقة نقص الدورة الدموية؛ فهي تعمل على تقليل الألم بطرائق مختلفة، وتعمل أيضاً على تنشيط الدورة الدموية؛ لذلك فإنها تفيد كثيراً في جميع الآلام التي تصاحبها تقلّصات عضلية؛ إذ تعمل على تقليل التقلّص العضلي. وهكذا، يرتبط الألم بنقص الدورة الدموية في موضع الألم؛ لذا فإن تنشيط الدورة الدموية يقلّل الألم. وتتميز العلاجات المثيرة والمهيّجة للدورة الدموية في الجلد بأنها تنشّط ردود فعل الجهاز الدوري والأوعية الدموية في الجسم عامةً، والحجامة من بين أبرز العلاجات المهيّجة للدورة الدموية في الجلد نتيجة قوة الشفط التي تؤثّر بها الحجامة في المكان المُعالَج. ويرى التفسير التقليدي للتداوي بالحجامة أنها تخرج الدم الفاسد من الجسم، وهو الدم الذي يحمل كريات الدم الحمراء الهرمة، أو الشوائب الدموية والأخلاط الرديئة، التي تصل إلى الدم من جرّاء استعمال الأدوية المختلفة والكيماويات. وهذا الدم الفاسد يتراكم ويركد ويتجمع في مناطق معينة في أثناء دورته بالجسم، في أعلى الظهر، وهي مناطق تتميّز بضعف التدفق والجريان، وبطء حركة الدماء، والسريان بها، فيقوم التخلّص منها بتنقية مجرى الدم العام، وتسهيل تدفّق الدم النقيّ الجديد وتنشيطه، وتنتج كريات دم حمراء جديدة مكان الفاسدة، فيصبح الدم حيوياً وصحياً أكثر من ذي قبل. وعليه، فإن دم الجسم يتخلص من جزء كبير من هذه السموم التي كانت عالقةً به؛ ليصبح أداؤه في حمل الأكسجين أكبر، وكذلك توزيع الغذاء فيه أكفأ. وهكذا، يستعيد الجسم توازنه الطبيعي من جديد، وتنشط عملياته وقدراته المناعية. وفي سبيل التحقّق من هذا الاعتقاد التراثي القديم قام الدكتور رضا منتظر -في معهد أبحاث الحجامة في طهران- بمقارنة دم الحجامة بالدم الوريدي، وتمّت الدراسة على 40 متطوعاً، وأظهرت أن دم الحجامة يختلف اختلافاً كبيراً عن الدم الوريدي من حيث الدهون الثلاثية، والكولسترول، والجلوكوز، واليوريا، وحمض البوليك. واستنتجت الدراسة أن عملية التبرّع بالدم ليست نظيراً لعملية الحجامة؛ بسبب اختلاف الكثافة والنوعية الكيميائية للدم الخارج من الجسم في كلتا الحالتين، وهو ما يؤكّد ما قاله الأقدمون من أن الحجامة تذهب بالدم الفاسد (كيميائياً)، وقد قُدِّمت هذه النتائج في المؤتمر الثاني للطبّ الشعبي بطهران في أكتوبر عام 2004م. وفي الآونة الأخيرة ثبت أن الحجامة تعمل على تنشيط الدورة الدموية الموضعية في العضلات من خلال زيادة إفراز مادة أكسيد النيتريك (No)، التي تعمل على توسعة الأوعية الدموية في الأمكنة التي تتمّ معالجتها. وهكذا، تعمل الحجامة على تحسين التقلصات العضلية وحركة المفاصل من خلال تنشيط الدورة الدموية الدقيقة في موضع الحجامة local microcirculation، وهو ما يؤدي إلى زيادة التروية الدموية موضعياً، ويساعد على تفريق الدم المحتقن والتورّم. المزايا والمخاطر من مزايا المعالجة بالحجامة: تخفيض استعمال الأدوية والعقاقير، والحماية من التعرّض لآثارها الجانبية ومضاعفاتها المؤذية، وتوفير معالجة أقلّ تكلفةً وأكثر ربحاً على المدى الطويل، لكنها لم تدخل إلى الآن في الكتب الطبية الحديثة بوصفها طريقة علاجية؛ إذ لا تتوافر عنها دراسات وفق المعايير العلمية الحديثة؛ فوفقاً لجمعية السرطان الأمريكية: «الدليل العلمي الموجود لا يدعم الحجامة بوصفها علاجاً للسرطان أو أيّ مرض آخر». ويجدر التنبيه إلى أن استبدال الطب البديل بعلاجات الطب الحديث يمكن أن يؤدي إلى تشخيص غير كافٍ أو علاج لبعض الحالات التي أثبت فيها الطب الحديث فعاليةً فُضلى، ولهذا السبب يفضّل كثير من الأطباء واختصاصيو الطب البديل عدّ الحجامة علاجاً تكميلياً، وليس علاجاً بديلاً. كما أن سذاجة بعض ممارسي الحجامة، أو انعدام أخلاقهم، قد تدفعهم إلى حثّ المرضى على استخدام الحجامة بشكل مُسرف طلباً للربح، متستّرين باسم السنة والطب النبوي؛ لذلك على الجهات المعنية بالصحة العامة تنظيم ممارسة الحجامة ومراقبتها، وألا توفّر تراخيص لاختصاصيي الحجامة لغير الأطباء الذين حصلوا على التدريب الكافي على ممارسة الحجامة، إضافةً إلى تلقّيهم العلوم الطبية الحديثة في كليات الطب النظامية. صهباء محمد بندق طبيبة وكاتبة وباحثة مصرية |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#4 |
مؤسس المنتدى( 0504464282)
![]() |
![]() ![]() ![]() المراجع Katz, J.N. Lumbar disc disorders and low-back pain: socioeconomic factors and consequences. J Bone Jt Surg 2006; 88, 21-24. Deyo RA, Weinstein JN: Primary care: Low back pain. N Engl J Med 2001, 344:363-70. Dillard JN, Knapp S: Complementary and alternative pain therapy in the Emergency Department.Emerg Med Clin N Am 2005; 23:529-49. Sherman KJ, Cherkin DC, Hogeboom CJ (2001): The diagnosis and treatment of patients with chronic low-back pain by traditional Chinese medical Acupuncturists, J Altern Complement Med. Dec;7(6):641-50. Liu BX, Xu M, Huang CJ, Ma LS, Lou YM, et al. (2008) Therapeutic effect of balance cupping therapy on non-specific low back pain [in Chinese]. Chinese Journal of Rehabilitative Theory and Practice 14: 572–573. Hong Y. F., Wu J. X., Wang B., Li H., and.He Y. C, “The effect of moving cupping therapy on non-specific low back pain,” Chinese Journal of Rehabilitation Medicine, vol. 21, pp. 340–343, 2006. Amal Desouki Abdel-Aal, Salah Nagiub Ahmed El-Tallawy, Sahar Adly Hashish and Ali Ahmed Ramadan: Comparison of Interventional Versus Alternative Techniques for Low Back Pain, Anesthiology Department, Faculty of Medicine, Minia University, 2005. Sherman KJ, Cherkin DC, Connelly MT, Erro J, Savetsky JB, Davis RB, Eisenberg DM: Complementary and alternative medical therapies for chronic low back pain: What treatments are patients willing to try? BMC Complement Altern Med 4:9. 2004 Jul 19; doi:1. Song H.G.,Song M.S.,Kim J.H, et al: The effect of the treatment with venesection on treating low back pain of acute stage: The Journal of Korean Acupuncture & Moxibustion Society, 21(5):113-122,2004. (10) Takahide Kuwaki, Chinese Herbal Therapy, 1990 Oriental Healing Arts Institute, Long Beach, CA. Takeba Y, Suzuki N, Kaneko A, Asai T, Sakane T.: Endorphin and enkephalin ameliorate excessive synovial cell functions in patients with rheumatoid arthritis. J Rheumatol. 2001 Oct;28(10):2176-83. Montazer R (2004): The comparison of biochemical factors in phlebotomy and wet cupping. Iranian Journal of Pharmaceutical Research Supplement 2:30-30Poster Presentations/Traditional Medicine. صهباء محمد بندق، الحجامة بين العلم والأسطورة، مطبعة دار السلام، 2008م. سمير يحيى الجمال، الطب الشعبي التقليدي: حقائق وغرائب، مكتبة مدبولي، 1998م. هيلينا عبد الله، الحجامة الحديثة، ترجمة: محمد فكري أنور، مكتبة مدبولي، 2002م. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
بناء غضاريف العظام ومعالجة التهاب المفاصل الرثوي بخلاصة الاعشاب الطبيعية | مبارك | الصحة | 0 | Jun-Sun-2011 01:42 PM |
![]() |
![]() |
![]() |