وقفات تدبريّة حول الجزء الرابع عشر
﷽
🌴 *وَقفَاتٌ تَدَبُّريَّةٌ* {14- 30} 🕟
حَوْلَ ۩ الجُزءِ الرابع عشر ۩
_________________________
📜 *﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾*
يستعمل الحق ﷻ أساليب التوكيد المتلاحقة، فهنا كلمات فيها خمسة أساليب من أساليب التوكيد فـ( إنّا) تفيد التوكيد و(نحن) يعرب توكيدًا لفظيًا، و(نزلّنا) أسلوب توكيد، و(إنّا) الثانية توكيد؛ لأنها على وزن فعّل، وفي تقديم كلمة (له) توكيد، واللام في (لحافظون) مؤكدة.
وقد حقق الله ﷻ وعده بحفظ القرآن، وجاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القرآن لأنه سبحانه توكل بحفظ القرآن بنفسه، بينما قال في أهل التوراة: *﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾* فوكل الحفظ إليهم فضاعت وحرّفت.
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿ وَإِن مّن شَيْءٍ إِلاّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ﴾* فهو متضمن لكنز من الكنوز، وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه، ومفاتيح تلك الخزائن بيده، وإن طلب من غيره طلب ممن ليس عنده، ولا يقدر عليه!
[ابن القيم الفوائد 202]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾* وصفهم بالسكرة التي هي فساد العقل، والعَمَه الذي هو فساد البصيرة؛ فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل، وعمه البصيرة، وسكر القلب.
[ابن القيم الجواب الكافي 179]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾* لما ساء النبي ﷺ تكذيب قومه مع علمهم بصدقه ووضوح أدلته، أرشده الله إلى ما يطرد الهم، فأمره بخصوص، ثم عموم، ثم أعم: إذ أرشده إلى تسبيح الله، ثم إلى أمر أعم من الذكر المجرد وهو الصلاة، ثم إلى الإقبال على العبادة بمفهومها الشامل.
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜في سورة إبراهيم ورد قوله ﷻ: *﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾*
وفي النحل: *﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾* في سورة إبراهيم جاءت الآية في سياق وعيد وتهديد عقب قوله ﷻ: *﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾* فكان المناسب لها تسجيل ظلمهم وكفرهم بنعمة الله.
وأما آية النحل: جاءت خطابًا للفريقين، كما كانت النعم المعدودة عليهم منتفعًا بها كلاهما.
ثم كان من اللطائف أن قوبل الوصفان اللذان في آية سورة إبراهيم *﴿لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾* بوصفين هنا *﴿لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾* إشارة إلى أن تلك النعم سبب لظلم الإنسان وكفره، وهي أيضًا سبب لغفران الله ورحمته، والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان.
[ابن عاشور التحرير والتنوير12' 101]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِين﴾* تكرر هذا المعنى في هذه السورة (النحل) دون غيرها في أربعة مواضع لسر بديع، فإنها سورة النعم التي عدد الله سبحانه فيها أصول النعم وفروعها، فعرف عباده أن لهم عنده في الآخرة من النعم أضعاف هذه بما لا يدرك تفاوته، وإن هذه من بعض نعمه العاجلة عليهم، وأنهم إن أطاعوه زادهم إلى هذه النعم نعمًا أخرى، ثم في الآخرة يوفيهم أجور أعمالهم تمام التوفية.
[ابن القيم بدائع التفسير1'513]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾* تأمل كمال طاعة النحل لربها فلا يُرى للنحل بيت غير هذه الثلاثة البتة، فالإنسان أولى بالطاعة لربه.
[ابن القيم مفتاح دار السعادة 311]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜 *﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾* وقال في الآية بعدها: *﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾* جمع الله في آيات النحل بين المساكن والملابس؛ لأن المساكن من جنس الملابس، كلاهما جُعل في الأصل للوقاية، ودفع الضرر، كما جعل الأكل والشرب لجلب المنفعة، فاللباس يتقي الإنسان به الحر والبرد، ويتقي به سلاح العدو، وكذلك المساكن يتقى بها الحر والبرد، ويتقى العدو بها.
[ابن تيمية مجموع الفتاوى 22' 151]
•°•°•° °•°•°•° °•°•°•° °•°•°•
📜تأمل حكمة الله تقديم الأمن على الطمأنينة في قوله ﷻ: *﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً﴾* فالطمأنينة لا تحصل من دون الأمن، كما أن الخوف يسبب الانزعاج والقلق،
وفي قوله ﷻ *﴿فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾* سر لطيف؛ لأن إضافة اللباس إلى الجوع والخوف تشعر وكأن ذلك ملازم للإنسان ملازمة اللباس للابسه.
[ابن عاشور التحرير والتنوير 12' 274]
_________________________
{7597}م [المجموعة السادسة]
1437/9/14ھ
|