عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-Wed-2015   #2
مؤسس المنتدى( 0504464282)


الصورة الرمزية فهد محمد بن ناحل
فهد محمد بن ناحل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Mar 2007
 أخر زيارة : Oct-Mon-2021 (11:49 PM)
 المشاركات : 15,179 [ + ]
 التقييم :  10010
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الحجامة وألم أسفل الظهر: صداقة قديمة
ورد في الموروث الشعبي والتراث العلاجي لكثير من الثقافات الطبية المختلفة أن للحجامة تأثيراً رائعاً في التخفيف من آلام الظهر، وقد استخدمت عبر العصور أشكال مختلفة من الكؤوس المصنوعة من الفخار والنحاس والبامبو وقرون الثيران المفرغة، ولا يزال العلاج الذي استعمل منذ أكثر من خمسة آلاف سنة يجد رواجاً شعبياً إلى يومنا هذا. وعلى الرغم من التشكّك الأوّلي الذي قابلت به الجهات الطبية الرسمية العلاج بالحجامة إلا أنه اليوم يُقبل -وإن كان قبولاً حذراً- بديلاً فعالاً عن المعالجة التقليدية لبعض الأمراض في الطب الحديث، أو مكملاً لعلاج كثير من الآلام، على رأسها ألم أسفل الظهر.
يقول الطبيب Kuwaki، المعالج بالأعشاب والطبّ الصيني: «أكثر من 75% من مرضى ألم أسفل الظهر يشعرون بزوال الألم كلياً، أو يشعرون بارتياح جزئي عقب العلاج بالحجامة، كما أن المدة اللازمة لزوال الألم عقب الجلسة الأولى تكون دائماً متغيّرة، وليست ثابتةً، بالنسبة إلى كل المرضى». وكثيراً ما يُضاف العلاج بالحجامة بشكل إلحاقي إلى معالجات أخرى من معالجات الطب البديل؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية يدمج المختصّون في الطب الصيني التقليدي الحجامة مع المعالجة بوخز الإبر في 21% من مجمل حالات ألم أسفل الظهر. وهكذا، ارتدت الحجامة ثوب العصر الحديث، وأصبح لها مكان في منظومة العلاج الطبي الحديث بعد أن باتت تعدّ من أنجح أنواع معالجات الطب التكميلي والبديل المعروفة والمقبولة شعبياً وأشهرها.
ما الذي تقوله الدراسات الطبية الحديثة؟
لطالما أثار العلاج بالحجامة كثيراً من الأسئلة والانتقادات داخل الأوساط الطبية، إلى أن انطلقت عجلة البحث العلمي في هذا المجال أخيراً؛ فخلال العقدين الماضيين نجحت الحجامة في اقتحام ساحات البحث العلمي بعد أن تمّ إجراء كثير من الدراسات والتقارير التي أكّدت فعالية العلاج بالحجامة لألم أسفل الظهر، واقتُرح عدد من آليات التأثير الفسيولوجية المناسبة التي قد تفسّر الأثر العلاجي للحجامة في ألم أسفل الظهر. في عام 1993م قام الطبيب الصيني Yuxi باختبار تأثير الحجامة في ألم أسفل الظهر الناجم عن الالتواء القطني الحاد acute lumbar sprain، وخلص إلى أن ألم أسفل الظهر بالفعل يمكن أن يُعالج بالحجامة مسجلاً نتائج جيدة. ولاحقاً، في عام 1996م، استعمل الباحث Aiwen الوخز بالإبر الدافئة مع الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر المزمن، بما في ذلك الألم الناجم عن الالتهاب المفصلي العظمي osteoarthritic hyperostosis. وفي دراسة أخرى تمّ بحث أثر الحجامة في معالجة متلازمة المستعرضة القطنية الثالثة third lumbar transverse Syndrome، التي تسبّب أيضاً ألماً في منطقة أسفل الظهر، وسجّل الباحثون نتائج جيدة في الدراستين (Sherman et al, 2001).

بعد ذلك صدرت من الصين أربع تجارب سريرية عشوائية randomized controlled trial RCTs)، بحث جميعها تأثير الحجامة في ألم أسفل الظهر (Hong et al, 2006)، و(Zhou, 2007،) و(Liu et al, 2008)، و(Li & Fan et al, 2008). كما أُجريت تجربة سريرية أخرى في كوريا (Kim et al, 2008) للهدف ذاته. وأظهر مجمل نتائج هذه الدراسات أن الاستجابة للعلاج بالحجامة كانت تختلف زمنياً من مريض إلى آخر؛ إذ بدأ الألم في التحسّن بعد مددٍ زمنية متغيّرة، وشعر أغلب المرضى بالارتياح بعد الجلسة الأولى من العلاج، وبعضهم بدأ بالتحسّن بعد عدد من الجلسات المتكرّرة، ولاحظ الباحثون أيضاً أن المدة التي استمر المريض يشعر فيها بالتحسن عقب الجلسة الأولى كانت متغيّرة، وتراوح بين أسابيع وأشهر (ثلاثة أشهر).
في الجامعات ومراكز البحوث العربية
في عام 2006م قامت الباحثة المصرية أمل دسوقي عبدالعال -من كلية الطب بجامعة المنيا- بتصميم دراسة إكلينيكية؛ توطئةً للحصول على درجة الماجستير في علم التخدير وعلاج الأم، تحت عنوان: (مقارنة التقنيات التداخلية مقابل البديلة في علاج آلام أسفل الظهر)، وكان الهدف الرئيس من هذه الدراسة هو تحديد تأثير التقنيات التداخلية، ويمثّلها العلاج بالحقن الموضعي للمسكنات والعقاقير المخدرة خارج طبقة الأم الجافية، مقابل تقنيات الطب البديل ممثّلةً في الحجامة، وذلك من خلال مقارنة قدرة المعالجتين التداخلية والبديلة على السيطرة على الألم في حالات آلام أسفل الظهر التي يخفق معها العلاج الطبي الدوائي وتقويمها. وشملت الدراسة 80 مريضاً بألم أسفل الظهر من النوع البسيط أو الميكانيكي لم يسبق لهم الحصول على تقنيات تداخلية أو بديلة، وتمّ تقسيم المرضى بشكل عشوائي مجموعتين مساويتين: المجموعة الأولى شملت 40 مريضاً خضعوا للعلاج بالحقن الموضعي بعبوتين من عقار اليبوميدزول 40مجم في 4مل من البيبوفكين بتركيز 5%، والمجموعة الثانية شملت 40 مريضاً خضعوا للعلاج بالحجامة، وتم فيها تطبيق كؤوس الحجامة على نقاط محددة مرة أو مرتين في الشهر (1-2 جلسة/ شهر). وشملت الدراسة مقارنةً بين مفعول المعالجتين في تخفيف ألم أسفل الظهر من زوايا مختلفة، مثل: بداية الشعور بتحسّن الألم، ومدة التحسّن بعد الجلسة الأولى للعلاج، ومعدلات نجاح العلاج، والآثار الجانبية، وتمّ تقويم درجة الألم باستخدام مقياس التقدير الشفوي Verbal Rating Score VRS، وتمّ تجميع هذه البيانات قبل المعالجة، وفي أثنائها، وبعدها.
قبل بدء المعالجة تمّت مقارنة درجة الألم بين المجموعتين، وتبيّن عدم وجود اختلاف ذي دلالة إحصائية بين المجموعتين، وبعد المعالجة لم تظهر اختلافات ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين، باستثناء الجلسات الرابعة والسابعة والثامنة؛ إذ تمّ تسجيل انخفاض ذي دلالة إحصائية في معدلات تحسّن الألم، وكانت جميعها في مصلحة المجموعة الثانية التي خضعت للعلاج بالحجامة. وبالنسبة إلى عدد مرات العلاج، لم يكن هناك اختلاف ذو دلالة إحصائية بين المجموعتين، بينما شهدت مدة زوال الألم بعد الجلسة الأولى دلالةً إحصائيةً بين المجموعتين، وكانت أطول بالنسبة إلى المجموعة الأولى؛ أي: لدى المرضى الذين خضعوا للعلاج بطريقة الحقن الموضعي بالمسكنات. أما بالنسبة إلى الآثار الجانبية للمعالجة، فقد سجّلت في المجموعة الأولى فقط.
واستخلص فريق البحث من هذه النتائج أن للعلاج بالحجامة تأثيراً مماثلاً للعلاج بالحقن الموضعي للمسكنات والعقاقير المخدّرة خارج طبقة الأم الجافية في تسكين ألم أسفل الظهر؛ فالنتائج كانت متقاربةً في المعالجة بالطريقتين، وكلّ منهما حقّق نتائج رائعةً، لكن مع وجود نقطة اختلاف مهمة؛ فقد تفوّق العلاج بالحجامة على العلاج بالحقن الموضعي في عدم وجود مضاعفات، وغياب الآثار الجانبية. إضافةً إلى ذلك، فإن العلاج بالحجامة كان أكثر فعاليةً، وأكثر أمناً وسلامةً، وأقلّ من حيث التكلفة الاقتصادية. وفي النهاية، أوصى فريق البحث باستعمال الحجامة للتخفيف من ألم أسفل الظهر عندما تكون هناك محاذير أو موانع لاستعمال العلاج بالحقن الموضعي. وهذه النتائج تشجّع الاتجاه نحو الطرائق البديلة حين يخفق العلاج الطبي الدوائي، أو لتقليل استخدام المواد الكيميائية.

انطلاق قطار الدراسات

بدءاً من عام 2009م تسارع أكثر معدل إجراء الدراسات السريرية التي تهدف إلى تقويم فعالية الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر، ومعظم نتائج هذه الدراسات متاحة في موقع PubMed الشهير الخاصّ بنشر الدراسات الطبية المحكمة في العالم. أولى هذه الدراسات صدرت من إيران عام 2009م عندما أجرى الدكتور فارهاد وفريق بحثه دراسةً تطبيقيةً أخرى لتحديد كفاءة الحجامة في علاج ألم أسفل الظهر المزمن غير المحدّد السبب وتقويمها. أُجريت هذه الدراسة في جامعة كرمنشاه الإيرانية للعلوم الطبية، ونشرت نتائجها في مجلة (الطب البديل في العلاج)، واستعملت الدراسة نموذج التجربة السريرية العشوائية المنضبطة لمجموعتين (A tow-group randomized controlled trial design)؛ لتحرّي فعالية العلاج بالحجامة على المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر المزمن غير المحدّد السبب. كان عدد المرضى الخاضعين للدراسة 98 مريضاً، تراوحت أعمارهم بين 17 و68 عاماً، تمّ اختيار 48 منهم بشكل عشوائي لينضموا إلى المجموعة التجريبية، و50 إلى المجموعة القياسية. خضع المرضى في المجموعة القياسية لتدابير العناية الطبية الاعتيادية، التي شملت مزيجاً من الوصفات الدوائية والتمرينات الفيزيائية المُوصى بها لتخفيف ألم أسفل الظهر، بينما خضع المرضى في المجموعة التجريبية لسلسلة من ثلاث جلسات حجامة منتظمة، تم توزيعها على مددٍ يفصل بينها ثلاثة أيام (0، و3، و6 أيام). واستعملت ثلاثة مقاييس مختلفة لتقويم درجة الألم قبل البدء بالعلاج مباشرةً وبعد ثلاثة أشهر من التدخل العلاجي للمجموعتين، هذه المقاييس هي: مؤشر McGill لقياس الألم الحالي McGill Present Pain Index، ومؤشر Oswestry لقياس الألم الناجم عن العجز Oswestry Pain Disability Index (ODQ)، ومقياس تقدير كمية الدواء Medication Quantification Scale.
أظهرت مجموعة العلاج بالحجامة تحسّناً ملحوظاً خلال المتابعة التي استمرت ثلاثة أشهر متتالية؛ إذ سجّل فريق البحث انخفاضاً ملحوظاً في مقاييس الألم: الألم الحالي، والألم الناجم عن العجز الوظيفي، وكذلك في مقياس تقدير كمية الدواء، لدى المجموعة التي خضعت للعلاج بالحجامة مقارنةً بالمجموعة القياسية التي تلقّت العناية الطبية الاعتيادية. وبهذا تكون محصّلة النتائج أن المرضى في كلتا المجموعتين التجريبية والقياسية شعروا بتحسّن الألم، لكن المرضى في المجموعة التجريبية التي خضعت للمعالجة بالحجامة سجّلوا مقاييس لشدة الألم أكثر انخفاضاً من المرضى في المجموعة القياسية الذين تلقّوا العناية الطبية الاعتيادية فقط؛ إذ لم تظهر المجموعة القياسية تغيّراً جوهرياً في درجة شدة الألم، والألم الناجم عن العجز الوظيفي، وأظهرت فقط تغيراً بسيطاً في كمية استعمال الدواء.
استنتج الباحثون أن المعالجة التقليدية بالحجامة بعد متابعة استمرت ثلاثة أشهر متتالية كانت أكثر فعاليةً بشكل ملحوظ في معالجة ألم أسفل الظهر مقارنةً بما تقدّمه العناية الطبية الاعتيادية، كما أنها تميّزت بتحقّق المنفعة العلاجية بعد وقت قصير مقارنةً بالعناية الطبية الاعتيادية، وفضلاً عن ذلك فإن جلسات المعالجة بالحجامة كانت آمنةً ومقبولةً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون ألم أسفل الظهر غير المحدّد السبب، كما لم تسجّل أيّ مضاعفات أو تأثيرات مضادة بعد المعالجة.
دراسة من كوريا
بعد عامين، بحث فريق الدكتور كيم من كوريا (Kim et al, 2011) التأثير الإكلينيكي لعلاج ألم أسفل الظهر بالحجامة الرطبة، ودرجة أمان هذا النوع من المعالجة البديلة وسلامته. وأكدت نتائج الباحثين في مركز البحوث السريرية التابع لمعهد كوريا للطب الشرقي نتائج الدراسة الإيرانية التي أجراها الدكتور فارهاد وزملاؤه. في هذه الدراسة الكورية، قام فريق البحث بتجميع 32 مشاركاً في الدراسة، جميعهم من المرضى الذين يعانون منذ أكثر من ثلاثة أشهر ألم أسفل الظهر غير المحدّد السبب، وتم تقسيمهم بشكل عشوائي مجموعتين: مجموعة علاجية ستخضع للعلاج بالحجامة، وشملت 21 مريضاً، ومجموعة قائمة الانتظار، ولن تخضع للعلاج بالحجامة، وشملت 11 مريضاً. وفقاً لقواعد ممارسة الطب الكوري التقليدي، خضعت مجموعة الحجامة لتطبيق كؤوس الحجامة على ثلاثة مواضع من مواضع الإبر الصينية (BL23، وBL24، وBL25)، وتكرّر ذلك ستّ مرات خلال أسبوعين. وسُمح للمجموعتين باستعمال وسائل العناية الطبية الاعتيادية، وشمل ذلك تزويد جميع المرضى الخاضعين للدراسة بالكتيبات الإرشادية للتمرينات والنصائح العامة المناسبة لألم أسفل الظهر، واستعمال عقار الأسيتامينوفين Acetaminophen، أو الباراسيتامول Paracetamol، وهو مسكّن غير أفيوني لا يمتلك تأثيرات مضادة للالتهاب. وشارك باحثون مستقلّون في تقويم النتيجة؛ إذ استعمل مقياس التقدير العددي للألم من 0 إلى 100 (NRS: numerical rating scale)، واستبيان McGill لقياس كثافة الألم؛ واستفتاء Oswestry لقياس الألم الناجم عن العجز Oswestry Disability Questionnaire (ODQ)، كما تمّ تقدير استعمال عقار الـaminophen، وتقويم مسألة الأمان والمضاعفات الجانبية أيضاً.


 
 توقيع : فهد محمد بن ناحل



رد مع اقتباس