عرض مشاركة واحدة
قديم Apr-Wed-2015   #3
مؤسس المنتدى( 0504464282)


الصورة الرمزية فهد محمد بن ناحل
فهد محمد بن ناحل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Mar 2007
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (10:08 PM)
 المشاركات : 22,876 [ + ]
 التقييم :  9080
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



سياسة أكل الذكور

فهد عامر الأحمدي
في اليوم السابق لكتابة هذا المقال شاهدت منظراً عجيباً أوحى لي بفكرة اليوم.. شاهدت عنكبوتا أسترالية حسناء تسترخي وسط الشبكة بانتظار حشرة سيئة الطالع. ولأن الوقت كان "موسم تزاوج" لفت جمالها عنكبوتا ذكرا (أحمر الظهر) لا يتجاوز حجمه ربع حجمها.. ولثوان قليلة أخذ يفكر في كيفية الاقتراب منها دون التعرض لمخالبها وأنيابها القاتلة. فالعناكب بطبيعتها مخلوقات مفترسة تملك أنيابا وغدداً سامة تستعملها لصيد الحشرات والعناكب الأخرى.. وأنثى العنكبوت بالذات لا تتردد في أكل زوجها وأبنائها وأفراد فصيلتها - لدرجة تأكل الأرملة السوداء 95% من صغارها قبل سن البلوغ.. وهكذا قام الذكر الصغير بمناورات جريئة وشجاعة مكنته من تحاشي مخالب الأنثى المتوحشة والالتصاق ببطنها (ومن ثم .....).. وحين انتهى من فعلته تقدم باتجاه فمها وقدم نفسه لها طواعية "شبيك لبيك غداك بين ايديك" فالتقطته بمخالبها وأكلته بلا تردد !!
... ورغم أنني شخصيا أعلم بوجود هذه المعاملة القاسية في عالم الحشرات (والعنكبوت بالمناسبة ليست حشرة) إلا أنها المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا المنظر البشع على حقيقته (.. على قناة ناشيونال جيوغرافيك) !!
فمن العناكب والعقارب والسراعف/ إلى الصراصير والخنافس وبعض الأسماك يتم التهام الذكور بعد عملية التلقيح كنوع من التضحية وتوفير الغذاء للأم الحامل.. وفي حين يتم ذلك طواعية لدى بعض العناكب والعقارب (حيث يضع الذكر نفسه بين فكي الأنثى) لا يحدث ذلك في عالم الصراصير والخنافس إلا بعد مطاردة مضنية (تنتهي غالبا بحصول الأنثى على طعامها) !!
وسواء فكرنا بهذا الموضوع من ناحية تطورية أو خلقية نجده يساهم في استمرار النسل والحفاظ على حياة الأم الحامل (مصدر الذرية التالية).. فبعض الذكور - لمؤاخذة - ليس لهم أي فائدة ويعيشون حياتهم متطفلين على مجموعتهم حتى موعد التزاوج. وحين يأتي هذا الموعد - وتنتهي الذكورمن تلقيح الإناث - يتم الاستفادة منها كغذاء ميت يساعد الأم على الاستقرار والحمل بهدوء!
... وهذه الظاهرة الغريبة نجدها أيضا في عالم النمل والنحل - وإن كانت أقل قسوة بكثير من عالم العناكب والعقارب. فمجتمع النحل مثلا يعتمد على الإناث في بناء الخلية وجلب العسل وتغذية اليرقات ورعاية الملكة وإطعام الذكور - التي تعيش عالة على الشغالات. وحين يأتي موعد التزاوج تخرج الملكة في زفة مهيبة تطير خلالها في الهواء فيتبعها الذكور في صف طويل. ولأنها أقوى من الجميع تظل تطير وتطير وتطير حتى يتعب الذكور ويتساقطون الواحد تلو الآخر من الإعياء. وفي النهاية لا يبقى خلفها غير صفوة الصفوة - ممن نجحوا في اختبار القوة - فتسمح لهم بتلقيحها. بعد ذلك تعود للخلية لوضع البيض فيرجع خلفها صفوة الذكور - وهم مزهوون بفعلتهم - ولكن الشغالات يقفن لهم هذه المرة بالمرصاد ويمنعونهم من دخول الخلية ( ... واحمدوا ربكم بقيتم أحياء) !!
وسياسة طرد الذكور هذه - أو على الأقل تحييدهم حتى وفاتهم - نجدها أيضا لدى النمل والبعوض والسراعف وبعض الحشرات والأسماك.. وهي تنتشر بوجه خاص بين المجموعات التي تلعب فيها الأنثى الدور الأهم في المجموعة - مثل شغالات النحل وملكة النمل والأرملة السوداء وبعوضة الملاريا...
والعجيب فعلا أن سياسة تحييد الذكور تلاحظ حتى في المجتمعات البشرية الريفية حيث تلعب الأنثى الدور الأهم في المجتمع.. فالمرأة (في قرى بنجلاديش وتايلند والفيليبين وبورما) هي من يحمل ويلد ويعمل في الحقل ويهتم بالماشية ويتاجر بالمحصول - في حين يقبع الرجل في المنزل للطبخ والتزاوج ورعاية الأطفال ولا يملك سلطة فعلية.. وهذه النقطة بالذات هي ما يجعلني بالكاد أتقبل مبدأ "المساواة" في عالم البشر خوفا من أي تفوق نسائي قد ينتهي بطردنا خارج "الخلية"!!


 
 توقيع : فهد محمد بن ناحل



رد مع اقتباس